يؤكد خبراء التغذية على أهمية الأطعمة الحارة في الحفاظ على صحة الجسم وخصوصا التوابل التي تحتوي على مركب الكابسيسين الذي يساعد على تحسين ميكربيوم الأمعاء وتحسين عملية التمثيل الغذائي. كما تساعد الأطعمة الحارة وخصوصا ثمرة الفلفل على تنشط الدورة الدموية، وحل انسدادات الطاقة وتدفق الدم، وبالتالي تعزيز صحة القلب وعملية الهضم.
أفاد باحثون بأن الأطعمة الحارة قد تكون مفتاحا لتحسين الصحة وإطالة العمر، حيث كشفت دراسات متعددة عن فوائد مذهلة لتناول التوابل الحارة بشكل منتظم ومعتدل.
فبالإضافة إلى مساعدتها في التحكم بالوزن، تلعب هذه الأطعمة دورا وقائيا ضد أمراض خطيرة مثل السرطان وأمراض القلب.
ويكمن السر الرئيسي وراء هذه الفوائد في مركب الكابسيسين الموجود في الفلفل الحار، والذي يعمل على تحسين التوازن البكتيري في الأمعاء وفقا للدكتور بريان كووك لي، خبير علوم الغذاء.
ويعزز هذا المركب نمو البكتيريا النافعة بينما يحد من الضارة، ما يؤدي إلى زيادة إنتاج التربتوفان، وهو الحمض الأميني الأساسي المسؤول عن إنتاج السيروتونين الذي ينظم المزاج والنوم والهضم.
وللاستفادة المثلى من هذه الخصائص، ينصح الخبراء بتناول الكابسيسين بجرعات صغيرة تصل إلى 0.01 في المئة يوميا، وهي كمية كافية لإثارة براعم التذوق دون إثارة اضطرابات المعدة.
ومن وجهة نظر الطب الشرقي، يؤكد الدكتور كين غراي أن التوابل الحارة تنشط الدورة الدموية وتحسن التمثيل الغذائي، ما يساعد في حل انسدادات الطاقة وتدفق الدم، وبالتالي تعزيز صحة القلب والهضم. وتشمل قائمة التوابل المفيدة بالإضافة إلى الفلفل الحار، القرفة وجوزة الطيب والقرنفل والهيل والثوم والزنجبيل.
فوائد التوابل ليست اكتشافا حديثا، بل تعود إلى آلاف السنين من الخبرة الطهوية والطبية في مختلف الثقافات
لكن الخبراء يحذرون من الإفراط في تناول الأطعمة الحارة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى آثار جانبية غير مرغوبة مثل حرقة المعدة والتهابها، والصداع، واضطرابات الهضم. ويوصون بالاعتدال والتنوع، مع مراعاة مقياس سكوفيل لمعرفة درجة حرارة كل نوع من الفلفل.
وتجدر الإشارة إلى أن فوائد التوابل ليست اكتشافا حديثا، بل تعود إلى آلاف السنين من الخبرة الطهوية والطبية في مختلف الثقافات. ففي المكسيك وأميركا الوسطى، ساعد الفلفل الحار في امتصاص الحديد من الذرة، بينما استخدمته شعوب آسيا لخصائصه المضادة للميكروبات والطفيليات، ما يؤكد أن الاعتدال في تناول الأطعمة الحارة ضمن نظام غذائي متوازن هو الطريق الأمثل للاستفادة من منافعها الصحية العديدة.
ويشير الخبراء إلى أن التوابل والأعشاب تعد من العناصر الأساسية في المطبخ العالمي، حيث تستخدم بشكل واسع لتعزيز النكهة وتحسين القيمة الغذائية للأطعمة. وتاريخيا، استُخدمت هذه المكونات على مر العصور، ليس فقط لأغراض الطهي، بل أيضا لأغراض طبية وصحية. في العديد من الثقافات، كان يُعتقد أن للأعشاب الموسمية والتوابل الصحيحة تأثيرات علاجية، مما يعكس فهما عميقا للعلاقة بين الطعام والصحة العامة.
وتتنوع أنواع التوابل والأعشاب وفقا للمناخ والتربة والثقافة المحلية، ومن أبرزها القرفة، الزنجبيل، والكركم، بجانب الأعشاب الصحية مثل الريحان والأوريغانو والبقدونس. وتحتوي التوابل على مركبات فعالة تمنحها خصائص صحية، مثل مضادات الأكسدة ومضادات الالتهابات. على سبيل المثال، يُعتبر الكركم أحد أهم التوابل الصحية بفضل محتواه العالي من الكركمين، الذي يتمتع بخصائص قوية مضادة للأكسدة.
كما استُخدمت التوابل في علاج العديد من الحالات الصحية، حيث كانت تُعتبر بمثابة حلول طبيعية للأمراض المختلفة. على سبيل المثال، في الطب التقليدي الهندي، يُعتبر الزنجبيل أداة مُساعِدة في تحسين عملية الهضم وتقوية المناعة. لذا، فإن الفهم المعاصر لأهمية التوابل والأعشاب يسهم في تعزيز الصحة العامة، مما يجعل استخدامها في الطعام أمرا مُستحسنا. من خلال دمج هذه العناصر في النظام الغذائي، يمكن الاستفادة من خصائصها الصحية الغنية، وبالتالي تعزيز جودة الحياة اليومية.
استهلاك الأطعمة الغنية بالتوابل قد يدعم جهود السيطرة على الوزن عن طريق زيادة حرق الدهون، وتخفيف الشهية وتحسين ميكروبيوم الأمعاء
فقد أشارت دراسة إيطالية أجريت عام 2019، إلى أن تناول الفلفل الحار الأحمر أربع مرات أسبوعيا قد يرتبط بتقليل خطر الوفاة المبكرة، كما تدعم دراسات صينية أيضا هذه العلاقة، مما يدل على ارتباط الفلفل الحار بانخفاض خطر الوفيات بشكل عام.
ويرى البروفيسور لو تشي من جامعة هارفارد أن الآثار الإيجابية للفلفل الحار قد تكون مرتبطة بالكابسيسين، حيث يمكن لهذه المادة تحسين مستوى الكوليسترول وتقليل الالتهابات، بينما يشير البروفيسور زومين شي من جامعة قطر إلى أن تناول الفلفل الحار قد يقلل من خطر السمنة وارتفاع ضغط الدم، مما يؤكد إمكانية وجود فوائد تتعلق بالوظائف الإدراكية والصحة العامة.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من التسرع في الاستنتاجات، حيث تستغرق هذه الفوائد وقتا طويلا للظهور، فعلى الرغم من فوائد الكابسيسين المحتملة، لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لمعرفة مدى تأثيره الفعلي على المدى البعيد.
وتحتوي الأطعمة الحارة والفلفل على مركبات كيميائية تسمى الكابسيسينويدات التي تمنحها الحرارة. وتتركز الكابسيسينويدات بشكل أكبر في البطانة البيضاء للفلفل.
وعند قضم الفلفل، يرتبط الكابسيسين، وهو النوع الأكثر شيوعا من الكابسيسينويد في الفلفل الحار، بمستقبلات استشعار الحرارة في الفم، مما يسبب إحساسا بالحرقان.
ويشير الخبراء إلى أن الكابسيسينويدات يمكن أن تكون مفيدة لمرضى القلب، وهناك بعض الأدلة على أن الأطعمة الغنية بالتوابل قد تقلل من ضغط الدم والكوليسترول، وهما عاملان رئيسيان للإصابة بأمراض القلب.
وقد وجدت دراسة أجريت عام 2022 أن الأطعمة الغنية بالتوابل والفلفل قد تساعد في تحسين ضغط الدم وتقليل خطر الوفاة بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية.
كما وجدت دراسة أجريت عام 2017 أن الأطعمة الغنية بالتوابل قد تقلل بشكل كبير من تناول الملح، وتقلل رغبة الشخص في تناول الملح، مما ينعكس إيجابا على ضغط الدم والصحة.
وربطت دراسة أخرى أجريت عام 2017 بين الأطعمة الحارة وانخفاض مستويات الكوليسترول السيئ، أو ما يعرف باسم البروتين الدهني منخفض الكثافة.
وأظهرت دراسة أجريت على عينة من الأشخاص الذين تناولوا أطعمة غنية بالتوابل، أن من تناول منهم مثل هذه الأطعمة أكثر من 5 مرات أسبوعيا لديهم مستويات أعلى بكثير من البروتين الدهني عالي الكثافة أو مستويات الكوليسترول الجيد من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
ويلعب الميكروبيوم المعوي دورا حيويا في صحة الأفراد ورفاههم. ويرتبط عدم توازن البكتيريا في الأمعاء باضطرابات الجهاز الهضمي ومتلازمة القولون العصبي والسكري.
والميكروبيوم المعوي هو الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الأمعاء، ولها تأثير كبير على الصحة.
وقد تسبب الأطعمة الغنية بالتوابل إزعاجا في الجهاز الهضمي لدى بعض الأشخاص، إلا أنها قد تفيد صحة الأمعاء عند تناولها باعتدال.
وتشير الأبحاث إلى أن الكابسيسين قد يحسن صحة الأمعاء عن طريق زيادة كمية البكتيريا الجيدة في الأمعاء، مع تقليل البكتيريا المسببة للأمراض.
وفي إحدى الدراسات التي أجريت عام 2021، أفاد 63 في المئة من المشاركين بأنهم يشعرون بقدر أكبر من الرضا عند تناول وجبة تحتوي على بهارات الكابسيسين.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن استهلاك الأطعمة الغنية بالتوابل قد يدعم جهود السيطرة على الوزن عن طريق زيادة حرق الدهون، وتخفيف الشهية وتحسين تكوين الميكروبيوم بالأمعاء.
وتعتبر الأطعمة الحارة بشكل عام آمنة عند تناولها باعتدال. ومع ذلك، فإن تناول كميات كبيرة من الكابسيسين قد يسبب أعراضا غير مريحة في الأمعاء، بما في ذلك حرقة المعدة.
