مقال بعنوان : ربة بيت أم راعية عمل؟!
.
تتعدد الآراء وتختلف من شخص لآخر حول الأفضل للمرأة، أهو العمل أم المُكُوث في البيت؟
وحتى تلك الفئة التي تتفق على أهمية عمل المرأة قد تختلف في نوعية العمل اللائق بها.
.
أولئك الذين ينادُون بوجوبِ مُكُوث المرأة في بيتها، تؤدي مهامها الفطرية التي جُبِلت عليها وخُلِقت من أجلها؛ لتكون أمًا وزوجة تَرْعَى زوجها وصِغارها، وتفيض عليهم بالعاطفة والاهتمام، تُلبِي حاجاتهم، وتكون ربة بيت لا حاجة لها بالخروج طالما أن لها زوج يوفر لها احتياجاتها كافَّة.
نسألهم أليس هُناك حاجاتٌ أخرى لتلك المرأة؟!
حاجةً لتحقيق الذات مثلًا، أو القيام بعمل يُشْعِرُها بالإنجازِ وبالتالي السعادة، بأن لها هدفاً رسمته وتريد تحقيقه، وتشعر من خِلالِه بأن لها وجود، وقامت بإضافةِ شيءٍ لهذا المجتمع ولأفراده، هوايةٌ تُمارِسُها، شيءٌ تُحِبُه قد يتحولُ لعملٍ يُدِرُّ عليها دخلاً إضافة لدخل زوجها أو حتى بدونه، نحن لن نختلف بأن طاعة المرأة لزوجها والسهر على راحته، وتربية الأبناء ورعايتهم؛ لهي من أسمى وأجل الأدوار في حياتنا، لكن لن نقول بأنها تكفي، فروتين الحياة الممل خاصة لمن تنجز كل ذلك لكنها تشعر بالفراغ، ولا تملك القدرة على ملئِه؛ قد يحيل حياتها إلى الكآبة ، ورغم كمال كل ذلك في نظر البعض إلا أنها تشعر بالنقص، فتفكر جيداً بأنه لزاماً عليها تغيير هذه الحياة أو قتل هذا الروتين بشيء جديد كل فترة، تُفرِغُ فيه طاقتها، وتتخلص فيه من الشعورِ بالملل، وتُلغِي فيه الاحساس بالنقص والدونية.
.
وإلى الجانب الآخر الذي يتبنى عمل المرأة وخروجها وإعطاءها حريتها، نقول لهم بأن السماح لها بالخروج لا يعني اختيار عمل هو أنسب ما يكون للرجل، فتزاحم فيه الرجال وتُظهِرُ جرأةً قد لا تكون محمودة وقتها، فهناك أعمال لا يصح للمرأة أن تلتحق بها، وفي المقابل هناك أعمال لا يمكن الاستغناء فيها عنها، وتكون هي الأنسب والأفضل بالالتحاق بها، فلتكن فيها إذًا كطبيبة النساء مثلًا، والممرضة والمعلمة وغيرها...
وربما مع تسارع عجلة الزمن وتبدل الأحوال واختلافها، وظهور الحاجات لوجود المرأة في بعض النشاطات المستجدة أو حتى القديمة، والتسهيلات التي قد تُقَدَّم لتيسير العمل؛ قد يحيل كثيراً من الأعمال (كالصحافة والمحاماة والكتابة والهندسة و...) لتصبح صالحة لالتحاق المرأة فيها، لكنها تبقى مقيدةً بحدود الشرع والأخلاق، دون فتح الباب على مصراعيه أبدًا للتسيب والحرية المطلقة.
كما لا يعني خروجها أيضا اهمال بيتها وأسرتها متمثلةً بزوجها وأبنائها، والتقصير بواجباتها المنزلية والاجتماعية، كما لا يعني تخليها عن حيائها وعفتها، ومخالفة دينها، والاستهانة بأخلاقها.
إنما تلك الحرية يحدها حدود تتمثل بالتزامها بتعاليم دينها من حفاظ على اللباس الشرعي والأخذ بشروطه، والتزام أخلاقي لا تخضع فيه بالقول، وتبتعد فيه عن كل ما يمسها أو يمس كرامتها وإنسانيتها وأنوثتها؛ خاصة فيما يتعلق بالاختلاط بالرجال فلا يكون إلا لضرورة وحاجة ملحة، دون ميوعة، يزينها العفة والحياء، فتكون المرأة المسلمة العاملة خير قدوة، وتضرب أروع الأمثلة وأنجحها في الحياة، تجمع فيه بين الحفاظ على أسرتها وترابطها دون اهمال أو تقصير، وفي نفس الوقت هي ناجحة في عملها بل لنقل متميزة أيضًا.
إن عمل المرأة أو مكوثها بالبيت ليس مقياسًا لنجاح الأسرة أو سعادتها، فليست كل زوجة أم لا تعمل هي ناجحة ومستقرة وسعيدة في حياتها، وليست كذلك كل زوجة أم تعمل هي غير ناجحة، أو غير مستقرة وغير سعيدة، وهناك جانب من التقصير في رعاية زوجها وأبنائها، فقد أثبتت كثير من المواقف والأمثلة أن المرأة العاملة قد تكون أكثر نظامًا، وأشد حرصًا على انجاز ما عليها من ربة البيت العادية، حتى لو على حساب صحتها، وقد تكون المرأة العادية أكثر ثقافةً ووعيًا، وأحسن تعاملًا، وأرقى أخلاقًا.
وأريد أن أنوه أن المشكلة لا تكمن بكون المرأة عاملة أو غير ربة بيت غير عاملة؟!، فحتى المرأة العاملة هي ربة بيت أصلًا، المشكلة أن تكون المرأة طوال الوقت عادية، فقط طبخ، غسيل، تنظيف، مهام اجتماعية... دون شيءٍ مميز.
نحن نريد المرأة المثقفة، التي تطالع وتقرأ، وتبحث عن كل ما هو جديد، والتي لها نشاط تحاور وتبدي رأيها، ذات عقلٍ متفتحٍ، واعٍ وناضجٍ، تجمع بين الصلابة وتحمل المسئولية دون التخلي عن قيمها ومبادئها ومن قبلها أنوثتها.
تكون الأم الحاضنة، والصدر الحنون، تربي بحق، حتى لو كانت عاملة، وفي وقت من الأوقات تتحول لامرأة عادية تمارس ما هو مطلوبٌ منها، وتؤدي واجباتها تجاه أسرتها، تَزُورُ وتُزَار، تطبخ وتنظف وتغسل، لكن دون أن تنسى نفسها أو تُلْغِي كينونتها.
وأخيرا..
"نريد المرأة الطيبة البسيطة من غير سذاجة، وفي نفس الوقت قوية جريئة من غير وقاحة".
.منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول