وأظهرت الدراسة أن لقاح القوباء المنطقية (أو الهربس النطاقي) يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف.
وتعرف القوباء المنطقية بأنها عدوى فايروسية تسبب طفحا جلديا مؤلما، ويسببها الفايروس نفسه المسبب لجدري الماء، والمعروف بالحماق النطاقي.
وحلل باحثو جامعة ستانفورد بيانات أكثر من 280 ألف شخص بالغ مسن تتراوح أعمارهم بين 71 و88 عاما في ويلز، حيث قارنوا سجلات الأشخاص الذين تلقوا اللقاح مع سجلات آخرين تجاوزوا سن التأهل للحصول عليه، وكانوا قد بلغوا سن 80 عاما أو أكثر وقت إطلاق اللقاح (منذ عام 2013، أصبح الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 70 و79 عاما في إنجلترا مؤهلين للحصول على جرعتين من هذا اللقاح بهدف تقليل خطر الإصابة بهذه العدوى).
وعلى الرغم من أنه بحلول عام 2020 تم تشخيص واحد من كل 8 من كبار السن بالخرف، فإن أولئك الذين تلقوا لقاح القوباء المنطقية كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 20 في المئة.
الخطوة التالية هي تحديد كيفية تأثير اللقاح بدقة على الوقاية من الخرف واستخدام المعلومات لتطوير علاج جديد
وأوضح الدكتور باسكال غيلدسيتز، الذي قاد الدراسة، قائلا “لقد كانت هذه النتيجة مذهلة حقا. كانت الإشارة الوقائية واضحة جدا بغض النظر عن طريقة تحليل البيانات.
ويعتبر هذا النوع من الدراسات قويا بشكل خاص، لأنه يشمل مجموعات ضابطة، مثل الأشخاص الذين لم يكونوا مؤهلين للحصول على اللقاح بسبب أعمارهم.
وأكدت الدراسة أيضا أن تأثير اللقاح على الوقاية من الخرف كان أكبر لدى النساء، وهو ما قد يعزى إلى استجابة جهاز المناعة الأقوى لدى النساء تجاه اللقاحات.
وأشاد العديد من الخبراء بالدراسة باعتبارها خطوة هامة في فهم العلاقة بين اللقاحات والوقاية من الخرف. وقال الدكتور هنري بروداتي، أستاذ الشيخوخة والصحة العقلية في جامعة نيو ساوث ويلز، كانت هناك أدلة منذ فترة طويلة على أن كبار السن الذين يتلقون التطعيمات بشكل عام أقل عرضة للإصابة بالخرف، وهذه الدراسة تعد أفضل دليل حتى الآن على ذلك.
لكن لا تزال هناك تساؤلات لم تتم الإجابة عليها، حيث أشار البروفيسور أنتوني هانان عالم الأعصاب في معهد فلوري في ملبورن بأستراليا، إلى أن السؤال الرئيسي الذي لم تجب عليه هذه الدراسة هو كيف ساهم لقاح القوباء المنطقية في الحماية من الخرف. والخطوة التالية هي تحديد كيفية تأثير اللقاح بدقة على الوقاية من الخرف واستخدام هذه المعلومات لتطوير طرق جديدة للوقاية والعلاج.
وقام فريق البحث في جامعة ستانفورد بتكرار نتائج الدراسة في سجلات صحية من دول أخرى مثل إنجلترا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، التي شهدت أيضا إطلاقا مماثلا للقاح. كما يدرس الفريق ما إذا كانت النسخة الأحدث من اللقاح، التي توفر حماية أكبر ضد الهربس النطاقي، قد تكون أكثر فعالية في تقليل خطر الإصابة بالخرف.
وبحثت دراسة حديثة مؤخرا، أجراها مجموعة من الباحثين في كوريا الجنوبية، في العلاقة بين استخدام أدوية خاصة بالوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وتأثيرها المحتمل في الحد من خطر الخرف.
وقد ركزت الدراسة على تحليل تأثير الستاتينات، التي تخفض مستويات الكوليسترول في الدم، على تطور الاضطرابات العصبية، مثل مرض الزهايمر الذي يعد أحد أبرز أنواع الخرف. وأظهرت أن تناول الستاتينات قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف بنسبة كبيرة.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن هذه الأدوية قد تكون مفيدة أيضا في الوقاية من الخرف، عبر تقليل مستويات الكوليسترول الضار في الدماغ، ما قد يساهم في الحد من الأضرار المرتبطة بفقدان الذاكرة.
على الرغم من أنه بحلول عام 2020 تم تشخيص واحد من كل 8 من كبار السن بالخرف، فإن أولئك الذين تلقوا لقاح القوباء المنطقية كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 20 في المئة
وتعد هذه النتائج خطوة هامة نحو فهم كيفية تأثير الكوليسترول على تطور الخرف، خصوصا مرض الزهايمر.
ووجد الباحثون أن الأفراد الذين كانت مستويات الكوليسترول الضار لديهم منخفضة بشكل طبيعي كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف مقارنة بمن كانت مستوياتهم أعلى. كما أظهرت النتائج أن تناول الستاتينات قلل من خطر الإصابة بالخرف بشكل إضافي، ليصل إلى انخفاض قدره 12 في المئة.
وقال الدكتور فرانشيسكو تامانيني، أخصائي فيزيولوجيا الأعصاب بجامعة ريدينغ والمعد المشارك في الدراسة، هذه النتائج تشير إلى أن الزهايمر قد يكون نتيجة تراكم الكوليسترول الضار في الدماغ. نحن بحاجة إلى المزيد من البحث لفهم كيفية تأثير الستاتينات بشكل دقيق على الدماغ.
وحذر بعض الخبراء من أن هذه النتائج تحتاج إلى المزيد من التحقيقات، خاصة أن الخرف هو اضطراب معقد يتأثر بعدد من العوامل البيئية والجينية.
وقالت الدكتورة جوليا دادلي، رئيسة قسم الأبحاث في مركز أبحاث الزهايمر في المملكة المتحدة، من المهم إجراء تجارب سريرية لتحديد التأثيرات المحتملة للستاتينات على العمليات المرضية في الدماغ.
ويظل الحفاظ على صحة القلب، بما في ذلك مستويات الكوليسترول المناسبة، من أكثر الطرق فعالية للحفاظ على صحة الدماغ. وتشير الدراسات إلى أن نحو 40 في المئة من حالات الخرف يمكن الوقاية منها من خلال تغيير نمط الحياة، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي وزيادة النشاط البدني وتقليل شرب الكحول، وغيرها من الإجراءات الوقائية
