أحد الفريسي والعشار!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 54897
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

أحد الفريسي والعشار!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

انجيل لوقا (لوقا 18: 10–14) ܀
قال الربُّ هذا المثَل. انسانان صعِدا الى الهيكل ليُصَلّيا احدَهما فرّيسيٌّ والآخر عشَّارٌ فكان الفريسيُّ واقفاً يصلّي في نفسهِ هكذا اللَّهمَّ إنّي اشكرك لانّي لست كسائر الناس الخَطفَةِ الظالمين الفاسقين ولا مثلَ هذا العشَّار فانّي اصوم في الاسبوع مرَّتيْنِ وأعشِّر كلَّ ما هو لي امَّا العشارُ فوقـَف عن بُعدٍ ولم يُرِد أن يرفَع عينَيهِ الى السماء بل كان يقرَعُ صدرَهُ قائلاً اللَّهمَّ ارحمني انا الخاطىء اقول لكم إنَّ هذا نزَل الى بيته مُبَرَّرًا دون ذاك . لانَّ كلَّ مَن رفَعَ نفسَهُ اتَّضع ومن وضع نفَسهُ ارتفع܀

الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا نقول:
܀ أيها الأحباء، من هم الفرّيسيون: هم فئة متديّنة من اليهود كهنة وغير كهنة. تشير الكلمة بالأرامية على الاعتزال والابتعاد عن الخاطئين. يعلّمون التوراة بدقّة، ويؤمنون بالقيامة والثواب والعقاب وبالملائكة عكس الصدّوقيين. كانوا يتوقعون مجيء المسيا مخلّص إسرائيل بحسب مفهومهم.
يتباهون بتعليم وحفظ الشريعة عن ظهر قلب وتطبيقها حرفيًا، أي شريعة موسى، من حفظ السبت من الوصايا العشر وأداء العشور في التوراة. عيبهم أنّهم كانوا متشدّدين في تطبيق حرف الشريعة دون روحها الذي هو الرحمة، وهذا مأخذ الرب عليهم: "كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك" (متى ٢٣:٢٣).
ولكن كانوا أغلبيتهم يتكبّرون على الناس ويتباهون بسلطتهم ويركضون وراء المال والمناصب والمراكز والمكاسب الرخيصة ولا يشعرون مع الشعب وخاصة مع الفقراء. كانو يعيّبون على يسوع مخالطة الخطأة، وانتهاك شريعة السبت.
استحقّوا التوبيخ من الرّب يسوع بقوّة وشبّههم بالقبور المكلّسة، أيّ من الخارج بيضاء اللون ومن الداخل مليئة بالعفن.
نحن الآن على مشارف الصوم الكبير الذي فيه نتدرب روحياً لنكتسب الفضائل لكي نحياها باقي السنة. فلذلك نكتشف في الصوم الدعوة الى الوداعة اي التواضع.
ولأهمية التواضع رتبت الكنيسة المقدسة ان يقرأ المقطع الانجيلي لهذا الأحد وهو المختص بالفريسي والعشار. ان هذا المثل موجه الى جميع البشر الذين نقابلهم في كل الاوقات والى الاشخاص الذين يعتبرون انفسهم كاملين من ناحية العبادة والمعرفة، والى الذين يدينون الاخرين ويعتبرونهم خطأة وايضا الى الذين لهم دائما بان يصفوا العذاب الذي سيعاقب به الله كل انسان خاطئ ناسين بهذا ايضا سقيفون يوما ما امام الله ومحاكمته العادلة.
هذا الاحد هو الاحد الاول من فترة تسمى التريودي. هذه الفترة هي فترة استعداد من اجل الصيام الكبير وتهيئة. وعندما يخطر على بالنا كلمة صوم، قد تبدو عند البعض هذه الكلمة مزعجة الى حد ما، مزعجة بالنسبة للذين لا يصومون، ومزعجة ايضاً بالنسبة للذين يصومون ويفهمون الصوم بطريقة غير صحيحة. فالصوم ليس هو الفترة التي فيها يجبرنا الله على فريضٍة ثقيلة فرضها علينا، وإن لم نعملها فهو يعاقبنا ويكون غاضباً علينا. هذا المفهوم للصوم بعيد جداً عن مفهوم الكنيسة الارثوذكسية. الصحيح هو أن الصوم ينصحنا به الله ولا يفرضه علينا ورتبته الكنيسة من اجل خيرنا وخلاصنا. ونتيجة عدم ممارسته هي خسارتنا نحن لفائدته الروحية وحزن الله علينا وليس غضبه أو عقابه لنا، من هنا فالصيام ليس اجبارياً بالنسبة الينا، نحن نلتزمه باختيارنا لاننا نعلم انه فعلا سيؤدي الى خيرنا الروحي ويساعدنا على تغيير مسيرة حياتنا.

܀ أيها الاحباء: لأجل هذا فالصوم الكبير ليس هو مجرد عنصر واحد، لأن الصوم يرافق بالصلاة، يرافق بالتوبة، يرافق بعمل الخير، يرافق بالجهاد الروحي، انه موسم مبارك لتجديد حياتنا وتغييرها، يغلب عليه طابع التقشف والحزن ظاهرياً وانما لكي يؤدي الى الفرح والحياة وخصوصا ان هذا الصوم يرافق فترة الاستعداد لكي نصل الى الاسبوع العظيم لنرافق الرب في آلامه وبعدها نقوم معه بقيامته.
هذا الأحد يعلمنا بوضوح بان فضيلة التواضع هي شرط أساسي وأولي من شروط التوبة، فمثل الفريسي والعشار يصور لنا شخصاً مغروراً بنفسه يظن بأنه يعيش كل الوصايا ويطبقها تطبيقاً كاملاً والواقع انه متكبر متعجرف جعل الدين وصايا خارجية شكلية وحسب، أما العشار فاعترف بعمق وبانسحاق قلب، وبمنتهى التواضع والصراحة فقبله الله وبرره بسبب تواضعه الحق، وبالتالي بتوبته الصادقة.
التواضع اذن هو اساس الذي تبني عليه كل الفضائل، هو ام الفضائل.ويظهر الاتضاع في تعاليم المسيح ورسله واضحاً. ففي الموعظة على الجبل جاء كلام الرب يسوع يطوب المتواضعين فقال: طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات (متى5: 3).
وإن دخول المسيح إلى مجده كان من باب الاتضاع: "لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد، صائراً في شِبه الناس. وإذ وُجـِدَ في الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب. لذلك رفَّعه الله أيضاً... (فيليبي 2: 7-10).
لماذا التواضع مهم واساسي في حياتنا الروحية وفي سلوكنا المسيحي اليومي؟ فالاتضاع يعني اكتشاف الإنسان لحقيقة نفسه، وإدراك عجزه وقلة حيلته أمام المرض والمحن والموت، وأنه تراب ورماد، وأن حياته بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل (يعقوب 4: 14)، وأنه بدون الله واهب الحياة لا يقدر على فعل شيء.
لماذا أعطى الرب يسوع هذا المثل؟ يريد ان يعلمنا كيف نصلي. هناك نوعان من الصلاة كما سمعتم في هذا المثل: الصلاة الاولى هي صلاة الفريسي. هذا انسان كان منتسبا الى فئة متمسكة بالناموس حرفياً وكانت تظن بانها اذا عملت بحسب الناموس فبهذا تخلص، ولهذا كانت تعيش بطريقة حرفية ليس فيها تغيير حياة، ليس فيها صلة حقيقية مع الله، وهكذا يُظهر لنا هذا الفريسي انه راضٍ عن نفسه ويقول امام الله انه يشكره لانه ليس مثل هؤلاء الناس الخطفة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشار. وهو بالحقيقة ليس بحاجة الى ان يُظهر امام الله أعماله الصالحة التي يعرفها الله، هو بحاجة لان يتوب وأن يتواضع وأن يتخشع ويطلب الرحمة كما فعل العشار.
أما الصلاة الثانية هي صلاة العشار.
مَن هو العشار؟ هو الذي كان يُعتبر في نظر الناس في ذلك الزمان، متعاونا مع الاجنبي وكان يختلس اموال الناس إذ كان يأخذ كجامع ضرائب من الناس اكثر مما كان يحق له. لاجل هذا كان معتبرا كمثال للخطأة في نظر اليهود. ومع هذا يأتي هنا كتائب، وهذا هو المهم. صحيح انه كان خاطئاً لكنه الآن قد تغير. كل ذهنيته، كل نفسيته قد تغيرت، لاجل هذا يريد ان يصلي من كل قلبه. كيف تبدو صلاته؟ يقف من بعيد، لا يشاء ان يرفع نظره الى السماء، يقرع صدره، يعرف انه خاطىء، لديه عبارة واحدة يرددها: اللهم ارحمني انا الخاطىء. انه يتذكر خطاياه ولا يتذكر فضائله، لاجل هذا يقول لنا الرب انه صار مبرراً اكثر من ذاك اي من الفريسي.
أما نحن فنقول: ارحمني يا الله كعظيم رحمتك وكمثل كثرة رأفتك امح مآثمي. كل منا فليتذكر خطاياه ويتوب عنها امام الرب بانسحاق وتخشع ودموع حتى يؤهل لتناول هذا الجسد والدم الكريمين، والا يعرض نفسه لدينونةٍ، ولا يكون مبرَرا مثل ذلك الفريسي.

܀ نعم يا احبائي من يشترك حقاً بالقداس الالهي ذهنيته هي ذهنية ذلك العشار الذي يعرف خطاياه هو ولا يهمه خطايا الاخرين، ويتقدم من الرب طالبا منه ان يتحنن عليه ويعطيه الجسد والدم الالهيين المؤلّهيّن والمعطيّين لنا جميعا الحياة الابدية بنعمة ربنا يسوع له المجد الى ابد الدهور. آمين܀
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
سمير كردوكي
عضو
عضو
مشاركات: 859
اشترك في: الجمعة نوفمبر 04, 2016 5:20 am

Re: أحد الفريسي والعشار!

مشاركة بواسطة سمير كردوكي »

مع العشار اقول
ارحمني يا الله انا الخاطئ
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ طقسيات لأيــام الآحـــــاد & الأعيـــاد“