الأحد السابع بعد العنصرة !
القراءة من إنجيل (متى 9: 27–35)
في ذَلِكَ الزَّمان فيما يَسوعُ مُجتازٌ تَبِعَهُ أَعمَيانِ يَصيحانِ وَيَقولان إِرحَمنا يا ابنَ داوُد فَلَمّا دَخَلَ البَيتَ دَنا إِلَيهِ الأَعمَيانِ فَقالَ لَهُما يَسوع هَل تُؤمِنانِ أَنّي أَقدِرُ أَن أَفعَلَ ذَلِك. فقالا لَهُ نَعَم يا رب حينَئِذٍ لَمَسَ أَعيُنَهُما قائِلاً كَإيمانِكُما فَليَكُن لَكُما. فَانفَتَحَت أَعيُنُهُما. فَانَتهرهُما يَسوعُ قائِلاً انظرا لا يَعلَمَ أَحدٌ فلما خَرَجا شَهَراهُ في تِلكَ الأَرضِ كُلِّها وَبَعدَ خُروجِهِما قَدَّموا إِلَيهِ أَخرَسَ بِهِ شَيطانٌ فَلَمّا أُخرجَ الشَّيطانُ تَكَلَّمَ الأَخرَسَ. فَتَعَجَّبَ الجُموعُ قائِلين لَم يَظهَر قَطُّ مِثلُ هَذا في إِسرائيل أَمّا الفَرّيسِيّونَ فقالوا إِنَّهُ بِرَئيسِ الشَّياطينِ يُخرِجُ ٱلشَّياطين وَكانَ يَسوعُ يَطوفُ المُدُنِ كلها وَالقُرى يُعَلِّمُ في مَجامِعِهِم وَيَكرِزُ بِبِشارَةِ المَلَكوتِ وَيَشفي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعفٍ في الشَّعب.
الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا
كان العالم في ذلك الوقت وقد انقسم إلى يهود وأمم قد أُصيب كلّه بالعمى الروحي، فقدَ اليهود بصيرتهم الداخليّة بسبب كبرياء قلبهم وحرفيّة إدراكهم للناموس وانجذابهم إلى الرجاسات الوثنيّة، وفقد الأمم أيضًا بصيرتهم بسبب العبادة الوثنيّة. وكأن هذين الأعميين اللذين كانا يصرخان: ارحمنا يا ابن داود يمثّلان العالم كله، يهودًا وأممًا، يُعلن عوزه إلى المسيّا المخلّص ابن داود لكي يعيد إليه بصيرته الروحيّة. وقد جاء الرب إلى البيت، أي إلى مسكننا؛ جاء إلينا في الجسد حتى نستطيع أن نتقدّم إليه، ويمكننا أن نتقبّل لمسات يده الإلهيّة على أعيننا الداخليّة. فالبيت هنا إنّما يُشير إلى التجسّد الذي بدونه ما كان يمكننا التلامس مع ابن الله، والتمتّع بإمكانيّاته الإلهيّة، ليهب لأعيننا نوره، فتعاين النور.
هكذا يجب علينا أن نؤمن به ونعمل بحسب وصاياه. إذ أنَّ حياتنا تنقضي وساعة موتنا تقترب ولذلك فلنجهِّز أنفسنا بالأعمال الصالحة ريثما نحن موجودون في هذه الدنيا. لأنَّه هناك (أي في الحياة الثانية) لا توجد توبةٌ ولا خلاصٌ إن لم نكن قد كسبناه هنا (أي في هذه الحياة). لأنَّ الله يقبل منَّا هنا دموعاً وتوبةً أيضاً حينما تكون نابعتان من قلبٍ نقيٍّ ومتخشِّع ويخلِّصنا. وأمَّا هناك حينما تحلُّ ساعة الدينونة المرعبة فلا يقبل منا لا طلباتٍ ولا يظهر لنا الرحمة حتَّى وإن سكبنا أنهاراً من الدموع فلن تنفعنا بشيءٍ إذا لم نكن قد سلكنا بما يتَّفق مع وصايا الله ولم نكن قد أصغينا لمشيئته. هذا هو الأوان أيُّها الإخوة لكي نتعب ونكدَّ في زراعة الفضائل هنا بحسب قدرتنا لكي نحصد هناك راحةً لنفوسنا. لأنَّه من لم يظهر رحمةً وتواضعاً ومحبَّةً فلن يرى ملكوت السماوات. تأمَّلوا قليلاً أيُّها المسيحيون كم أنَّنا نتعب من أجل جسدنا الفاسد هذا وكم من النقود نبذر من أجل مجده والّذي سيتحوَّل إلى قيحٍ وتراب ويصبح نتناً غداً وأمَّا نفسنا الخالدة والّتي لا نهاية لها فلا نعتني بها أبداً وعلاوةً على ذلك فإنَّنا نثقلها بالخطايا يوميَّاً. ولكن اعلموا بأنَّ الّذي يعترف بخطاياه أمام أبيه الروحي ولا يكفُّ عن عملها فإنَّ خطاياه المعيبة ستظهر في يوم دينونة الله العادلة أمام العالم كلِّه وأمام جميع الملائكة.
جاءنا ابن الله متجسّدًا، معلنًا مبادرته بالحب. لكنّه يسأل: أتؤمنان إني أقدر أن أفعل هذا؟
بالإيمان يحلّ في قلوبنا، فتنفتح بصيرتنا من يوم إلى يوم لمعاينة الأسرار خلال تمتّعنا بها فيه.
لم يخالف الأعميان أمرًا إلهيًّا حين أشاعا الخبر، فإن قوله: أنظرا لا يُعلما أحد لم يكن وصيّة يلزمهما بها، وإنما هو حديث حبّي فيه يُعلن عدم طَلبه مجد العالم مقابل محبّته، أمّا هما فردّا الحب بالحب خلال الشهادة له. لقد استنارت أعينهما فاشتهيا أن يتمجّد الطبيب السماوي بتفتيح أعين الكل، ليعاينوا ما يعايناه هما.
إن كنّا بسبب الخطيّئة انطمست أعيننا من معاينة النور، فانحرفنا عن الطريق، وصرنا نتخبّط في الظلمة، فقد صرخت البشريّة على لسان المرتّل: أرسل نورك وحقّك، هما يهديانني ويأتيان بي إلى جبل قدسك وإلى مساكنك (مز 43: 3).
من يرى النور لا يقدر أن ينظر إخوته سالكين في الظلمة بل يدعوهم إلى النور الذي ينعم به، كما فعلت المرأة السامريّة حيث تركت جرّتها وخرجت إلى مدينتها تقول للناس: هلمّوا، انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح؟ (يو4: 29). وفي حديث للقدّيس يوحنا الذهبي الفم مع المواظبين على اجتماعات الكنيسة والمشتركين فيها يقول: علِّموا الذين هم من خارج أنكم في صحبة طغمة السيرافيم، محسوبين مع السمائيّين، معدِّين في صفوف الملائكة، حيث تتحدّثون مع الرب، وتكونون في صحبة المسيح يسوع المسجود له.
هذا هو أوان توبتنا بينما نحن أحياءٌ ولنغسل خطايانا بالصوم والدموع والصلاة كي لا نبكيَ بلا جدوى هناك. هذا هو الأوان الّذي ينبغي لنا أن نركع فيه أمام الله طالبين منه أن ينوِّر عيوننا الروحيَّة كما نوَّر عيون عميان إنجيلنا اليوم لعلَّنا نحن أيضاً كذلك نتعرَّفُ على قوَّته الّتي لا تُهزم ونتَّبع وصاياه ونضع عليه رجاءنا كلِّه حينئذٍ سيرشدنا هو كذلك نحو الطريق المستقيم لكي نحصل على تلك النعمة الأبديَّة مع جميعِ القدِّيسين وذلك لمجد الله وليكون لنا فرحٌ أبدي. ليكن لهُ المجد مدى الدهور. آمين.
القراءة من إنجيل (متى 9: 27–35)
في ذَلِكَ الزَّمان فيما يَسوعُ مُجتازٌ تَبِعَهُ أَعمَيانِ يَصيحانِ وَيَقولان إِرحَمنا يا ابنَ داوُد فَلَمّا دَخَلَ البَيتَ دَنا إِلَيهِ الأَعمَيانِ فَقالَ لَهُما يَسوع هَل تُؤمِنانِ أَنّي أَقدِرُ أَن أَفعَلَ ذَلِك. فقالا لَهُ نَعَم يا رب حينَئِذٍ لَمَسَ أَعيُنَهُما قائِلاً كَإيمانِكُما فَليَكُن لَكُما. فَانفَتَحَت أَعيُنُهُما. فَانَتهرهُما يَسوعُ قائِلاً انظرا لا يَعلَمَ أَحدٌ فلما خَرَجا شَهَراهُ في تِلكَ الأَرضِ كُلِّها وَبَعدَ خُروجِهِما قَدَّموا إِلَيهِ أَخرَسَ بِهِ شَيطانٌ فَلَمّا أُخرجَ الشَّيطانُ تَكَلَّمَ الأَخرَسَ. فَتَعَجَّبَ الجُموعُ قائِلين لَم يَظهَر قَطُّ مِثلُ هَذا في إِسرائيل أَمّا الفَرّيسِيّونَ فقالوا إِنَّهُ بِرَئيسِ الشَّياطينِ يُخرِجُ ٱلشَّياطين وَكانَ يَسوعُ يَطوفُ المُدُنِ كلها وَالقُرى يُعَلِّمُ في مَجامِعِهِم وَيَكرِزُ بِبِشارَةِ المَلَكوتِ وَيَشفي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعفٍ في الشَّعب.
الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا
كان العالم في ذلك الوقت وقد انقسم إلى يهود وأمم قد أُصيب كلّه بالعمى الروحي، فقدَ اليهود بصيرتهم الداخليّة بسبب كبرياء قلبهم وحرفيّة إدراكهم للناموس وانجذابهم إلى الرجاسات الوثنيّة، وفقد الأمم أيضًا بصيرتهم بسبب العبادة الوثنيّة. وكأن هذين الأعميين اللذين كانا يصرخان: ارحمنا يا ابن داود يمثّلان العالم كله، يهودًا وأممًا، يُعلن عوزه إلى المسيّا المخلّص ابن داود لكي يعيد إليه بصيرته الروحيّة. وقد جاء الرب إلى البيت، أي إلى مسكننا؛ جاء إلينا في الجسد حتى نستطيع أن نتقدّم إليه، ويمكننا أن نتقبّل لمسات يده الإلهيّة على أعيننا الداخليّة. فالبيت هنا إنّما يُشير إلى التجسّد الذي بدونه ما كان يمكننا التلامس مع ابن الله، والتمتّع بإمكانيّاته الإلهيّة، ليهب لأعيننا نوره، فتعاين النور.
هكذا يجب علينا أن نؤمن به ونعمل بحسب وصاياه. إذ أنَّ حياتنا تنقضي وساعة موتنا تقترب ولذلك فلنجهِّز أنفسنا بالأعمال الصالحة ريثما نحن موجودون في هذه الدنيا. لأنَّه هناك (أي في الحياة الثانية) لا توجد توبةٌ ولا خلاصٌ إن لم نكن قد كسبناه هنا (أي في هذه الحياة). لأنَّ الله يقبل منَّا هنا دموعاً وتوبةً أيضاً حينما تكون نابعتان من قلبٍ نقيٍّ ومتخشِّع ويخلِّصنا. وأمَّا هناك حينما تحلُّ ساعة الدينونة المرعبة فلا يقبل منا لا طلباتٍ ولا يظهر لنا الرحمة حتَّى وإن سكبنا أنهاراً من الدموع فلن تنفعنا بشيءٍ إذا لم نكن قد سلكنا بما يتَّفق مع وصايا الله ولم نكن قد أصغينا لمشيئته. هذا هو الأوان أيُّها الإخوة لكي نتعب ونكدَّ في زراعة الفضائل هنا بحسب قدرتنا لكي نحصد هناك راحةً لنفوسنا. لأنَّه من لم يظهر رحمةً وتواضعاً ومحبَّةً فلن يرى ملكوت السماوات. تأمَّلوا قليلاً أيُّها المسيحيون كم أنَّنا نتعب من أجل جسدنا الفاسد هذا وكم من النقود نبذر من أجل مجده والّذي سيتحوَّل إلى قيحٍ وتراب ويصبح نتناً غداً وأمَّا نفسنا الخالدة والّتي لا نهاية لها فلا نعتني بها أبداً وعلاوةً على ذلك فإنَّنا نثقلها بالخطايا يوميَّاً. ولكن اعلموا بأنَّ الّذي يعترف بخطاياه أمام أبيه الروحي ولا يكفُّ عن عملها فإنَّ خطاياه المعيبة ستظهر في يوم دينونة الله العادلة أمام العالم كلِّه وأمام جميع الملائكة.
جاءنا ابن الله متجسّدًا، معلنًا مبادرته بالحب. لكنّه يسأل: أتؤمنان إني أقدر أن أفعل هذا؟
بالإيمان يحلّ في قلوبنا، فتنفتح بصيرتنا من يوم إلى يوم لمعاينة الأسرار خلال تمتّعنا بها فيه.
لم يخالف الأعميان أمرًا إلهيًّا حين أشاعا الخبر، فإن قوله: أنظرا لا يُعلما أحد لم يكن وصيّة يلزمهما بها، وإنما هو حديث حبّي فيه يُعلن عدم طَلبه مجد العالم مقابل محبّته، أمّا هما فردّا الحب بالحب خلال الشهادة له. لقد استنارت أعينهما فاشتهيا أن يتمجّد الطبيب السماوي بتفتيح أعين الكل، ليعاينوا ما يعايناه هما.
إن كنّا بسبب الخطيّئة انطمست أعيننا من معاينة النور، فانحرفنا عن الطريق، وصرنا نتخبّط في الظلمة، فقد صرخت البشريّة على لسان المرتّل: أرسل نورك وحقّك، هما يهديانني ويأتيان بي إلى جبل قدسك وإلى مساكنك (مز 43: 3).
من يرى النور لا يقدر أن ينظر إخوته سالكين في الظلمة بل يدعوهم إلى النور الذي ينعم به، كما فعلت المرأة السامريّة حيث تركت جرّتها وخرجت إلى مدينتها تقول للناس: هلمّوا، انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح؟ (يو4: 29). وفي حديث للقدّيس يوحنا الذهبي الفم مع المواظبين على اجتماعات الكنيسة والمشتركين فيها يقول: علِّموا الذين هم من خارج أنكم في صحبة طغمة السيرافيم، محسوبين مع السمائيّين، معدِّين في صفوف الملائكة، حيث تتحدّثون مع الرب، وتكونون في صحبة المسيح يسوع المسجود له.
هذا هو أوان توبتنا بينما نحن أحياءٌ ولنغسل خطايانا بالصوم والدموع والصلاة كي لا نبكيَ بلا جدوى هناك. هذا هو الأوان الّذي ينبغي لنا أن نركع فيه أمام الله طالبين منه أن ينوِّر عيوننا الروحيَّة كما نوَّر عيون عميان إنجيلنا اليوم لعلَّنا نحن أيضاً كذلك نتعرَّفُ على قوَّته الّتي لا تُهزم ونتَّبع وصاياه ونضع عليه رجاءنا كلِّه حينئذٍ سيرشدنا هو كذلك نحو الطريق المستقيم لكي نحصل على تلك النعمة الأبديَّة مع جميعِ القدِّيسين وذلك لمجد الله وليكون لنا فرحٌ أبدي. ليكن لهُ المجد مدى الدهور. آمين.