كرة القدم و المال

[كبرو عبدو]

تحيّة طيّبة لـ جميع أعضاء وزوّار المُنتدى الكرام ..

أرجو أن يكون موضوعي هذا ياتي بفائدة ً لـ القارئ و هو يعبر وجهَة نظَر شخصيّة مُتواضعة
حول كرة القدم


|| كُرةُ القَـدَم ، وتأثيـرُ المُتغيّـرات ! ||

مُنذُ أن عرف الإنسان كُرة القدم ، دخَلَت على هذه اللعبَة الشعبيّة تطوّراتٌ وتغييراتٌ كثيرة جداً .. سواءً كانت تغييرات فنيّة (( من حيث قوانين اللعبة وقواعدها .. الخ )) ، أم شكليّة (( من حيث نوعية اللباس المُستخدَم لـ اللاعبين وما شَابه ذلك)) ، لكن ما وددتُ التطرّق إليه لاعلاقَةَ لهُ بـ تلكَ التغيرات الأولية البدائية المذكورة ، بل هو عالمٌ جديد دخَلَ عالَم المُستديرة في تاريخِها المُعاصر ، وبدأ يتغلغلُ بـ هدوءٍ وتسارُع في نفس الوقت لـ يُشكّل ما يشبهُ " الثَورة التغييريّة " في تاريخ الكُرة الحديثة .. ولستُ بـ صَدد الحديثِ في السياسة هُنا ، فـ قد اعتَدنا سماع كلمات [ ثورة ، تغيير ، ... ] في نشراتِ الأخبَار عن التوتّرات السياسية مؤخّراً في البلاد العربية و رُبما الأجنبيّة !! لكني أطمئنكُم أنني بعيدٌ كُلّ البُعد عن السياسة في هذا الموضوع . فـ كُل ما أردتُ قولَهُ هو أن دخول هذا العالم الجديد إلى المُستديرة جعَل منها عالَماً مُختلفاً بعض الشيء وغيّر من موازين ومعايير المُنافسة في هذه الرياضة ، ونظراً لـ قوّة تأثير هذا التغيير ، تمّ تسميتَهُ بـ " الثورة " !

ماقصدتُه بـ " ثورة التغيير " هو ظهور ما يُسمّى بـ " الصناعة في كُرة القدم " .. أي لُغة الأموال والـ Business التي أصبحَت الآن جُزءاً لا يتجزّأ من مُقوّمات كُرة القدم الحديثة ، وغيّرت الكثير ممّا كانت عليهِ الكُرة في الزمن الماضي ! كرات هاوي لا يدخل فيه المال


النُقطة الأهم بـ النسبة لنا هي أنهُ بعد دخول عالم الاحتراف أصبَح من الواجب أن تتغيّر نظرَة الناقِد أو المُحلّل التقييميّة لـ المُدرّب " المدير الفني " ومقدرَته التكتيكيّة .. فـ في السابِق كان يُحكَم على المُدرّب من خلال قُدرته على تحقيق الإنجازات و ربح البطولات مع فريقه ، وقد كان هذا التقييمُ مُنصِفاً في ذلك الوقت بـ رأيي كونَ المُدرّب يعتمدُ على أكاديميته وما يمتلك من مواهب في فريقِهِ فقط ولم يكُن لـ المال دورٌ كبير في تدعيم الفريق ،، وهُنا يأتي دور التوظيف التكتيكي الفعّال من المُدرّب لـ العناصر المتوفّرة ، وهو ما أراهُ أهم عُنصُر لـ تقييم المُدرّب وقُدرته الحقيقيّة !


أما اليوم .. فـ نحنُ لانستطيع الحُكم على قُدرة المُدرب من خلال إنجازاته وألقابِه الكثيرة ، فـ هُناكَ عواملُ أخرى ظهرَت في الساحَة الكُروية كما ذكرتُ في مُستهلّ حديثي ، حيثُ أنهُ لايُمكن المُقارنَة بين مُدربين دونَ النظَر إلى تأثير العامِل المادّي ومقدار صرف هذا المدرب ..


مثـال توضيـحي :
من هو الأفضَل بين مُدرّبَين ؟؟ ...

الأول يُدرّب نادياً في الدرجة الأولى ويصرِفُ لهُ رئيسُ النادي الأموال بـ بَذَخٍ لـ يستقدم لاعبينَ في جميع المراكز التي يحتاجُ الفريق تدعيماً فيها، فـ ينجح هذا المُدرّب في الفوز بـ الدوري بـ فارقٍ مُريح جداً عن بقيّة مُنافسيه الذين لم يحظَوا بـ نصف صرف الأموال الكبير لـ هذا الفريق!

أما الثاني يُدرّبُ نادياً بسيطاً في دوري درجة رابعة لكنهُ ينجح بـ ما يملك من عناصر مُتواضعَة أن يصعَد بـ فريقِه مُتصدّراً دوري الدرجة الرابعة ويتأهّل إلى الدرجة الثالثة بـ فارقٍ كبير عن أقرَب مُنافسيه الذين يعيشونَ ظروفَاً مُماثلَة من الناحية الاقتصاديّة !


لا أقصدُ بـ المثال مُدرباً مُعيناً ولا فريقاً مُحدّداً ، لكنهُ مُجرّد مثالٍ لـ تقريب الفكرة التي أردتُ إبرازَها وأرجو أن يكونَ مقصَدي قد اتّضح بعد هذا المثال .. فـ مارأيكُم ؟؟ .. أيّ مُدرب من المُدرّبَين المذكورَين في المثال السابق يُمثّل ما يُسمّى " مُدرب كُرة القَدَم الحقيقي " ( إن صحّ القول ) ؟؟سـ أترُك الإجابة لكم !


|| معاييـرُ مُتضَـاربـَة !!! ||
طبعاً الفيفا والاتّحاد الأوروبي عبارة عن مؤسّسات يدخل فيها الجانب الاقتصادي بـ قوة ، وتعتمدُ في تقييمها على عواملَ مُختلفَة بعيْدة عن الجانب الفعلي " الحقيقي " لـ التقييم ، وأنا أتحدّث عن الأمور الإعلاميّة والماليّة ، وهو - بالضبط – ماقصدتُهُ بـ العالم " الدخيل " على اللعبة

والذي " شوّه " الحياة الكُروية الطبيعية بـ رأيي المتواضع ،، فـ لم يعُد مفهوم " المُدرب الأفضل " كما كان سابقاً : القادر على توظيف عناصره البسيطة المتوفّرة بـ شكل صحيح وبـ أقلّ الخسائر المُمكنة .. بل أصبح تعريف المُدرب الجيّد : هو المُدرب الذي يحصل على البطولات الكُبرى بأي شكلٍ كان ، بغضّ النظر عن مدى قُدرة هذا المدرب التكتيكية ، واستغلاله لـ العناصر - المتوسّطة المستوى - وتحويلها إلى عناصر Class من خلال حُسن التوظيف لـ الإمكانات البسيطة !!

شخصياً أرى أن كَوْن سُلطة المال هي الحاكِمَة لـ كُرة القدَم في هذا الزمان أمرَ بعيدٌ عن الإنصاف والـ Fair Play (( الذي يُعتبر الشعار الأول لـ رياضة كرة القدم والفيفا ! )) ..

أَليسَ هذا ظُلماً لـ من يعمَل ويُقدّم كُل ما لديه بـ " اكتفاء ذاتي " وعمَل خُرافي على أرضية الملعب رغم تواضُع الإمكانات ؟؟

لـ تأكيد رأيي سـ أسألُ سؤالاً واحداً :

هل يستطيع الآن أيّ مُدرّبٌ بنَاءَ فريقٍ مُنافِسٍ بـ قوّة على البطولات من غير تدخّل الجانب المالي ودفع الملايين لـ استقدام النجوم ؟؟ ..


طبعاً لا ، والشواهدُ كثيرة فـ ما يحدُثُ على أرض الواقِع في عالم كرة القدم الاحترافي خيرُ دليلٍ على صعوبَة - إنْ لم نقُل استحالة - حُدُوث أمرٍ كـ هذا !

وهذا ما أريدُ الوصولَ إليه ..

كُرة القدم أصبحت لُعبة في أيدي المُستثمِرين ورجَال الأعمَال بدلاً من أن تكونَ لُعبَة بين 11 لاعبَاً ومُدرّبين 2 .. وصاحب التكتيك الأقضل والقراءة الأشمَل هو من ينتصر ..

هذا ما يجب أن تكون عليه مُباريات الكُرة في رأيي ، وعلى هذا الأساس يكون تقييم الفرق والمُدربينَ بـ شكلٍ مُنصِف !!


|| نجـمٌ مُضـيء في سمـاء " عـالم الاحتـراف " المُظلمـة ||

وسَط الضجّة الإعلاميّة لـ " موضّة " التعاقُدات بـ المبالغ الخرافية ، والتشويه المُستمرّ لـ عالم الكُرة الجميل من خلال اعتماد مُعظم – إن لم نقُل جميع - الأندية الأوروبية الكُبرى على المُستثمرين والمُلاك في بناء فريق قوي .. يظهرُ نموذجٌ مُشرقٌ لـ " المُدرب الحقيقي " القوي تكتيكيّاً ولمّاح المواهب بـ نظرةٍ مُستقبليّة بعيدة المدى ،