بقلم الأب الربَّان رابولا صومي/ مدرس بدير وإكليريكية مار أفرام السرياني بمعرة صيدنايا ـ سوريا.
الكتاب المقدس ـ ـ HOLY BIBLE
يتألف الكتاب المقدس من عهدين: القديم والجديد، ونحن نقول الكتاب المقدس وليس الكتابان المقدسان لأنهُ كتاب واحد لكتاب واحد هو الله بواسطة الوحي الإلهي وروحهِ القدوس وأنبيائهِ ورسلهِ الأطهار. هو مقدسٌ لأنهُ يتحدث عن شخص الله القدوس, وهنا نعلن وحدة الكتاب بهذه اللفظة والهدف الأساسي منه ... هو خلاص الأنسان من الخطيئة وتجديد طبيعة الأنسان بيسوع المسيح "1كورنثوس 15: 52" ونحيا حياة روحية يوميَّة معاشة، ونتمتع بحياة أبديَّة مع المسيح يسوع. كقول نبيُّ الله داود في أهمية دراسة الكتاب المقدس، الذي رأى في كلمة الله هي السراج والنور والسبيل الذي يرشدُنا إلى طريق الحق في وسط خضم هذا العالم المظلم. ( سراجٌ لرجليَّ كلامُكَ ونورٌ لسَبيلي. (119: 105)
وفي العهد الجديد يَحثُنا رب المجد أن نتمتع بكلمتهِ ونتأمل بأقوالهِ ونلهجُ بها ليلاً ونهاراً لعلّنَا نحد الحياة الأبدية لخلاصنا كقوله الإلهي: " فتّشوا الكُتبَ لأنَّكُم تظنّونَ أنَّ لكُم فيها حياةً أبديَّةً. وهي الَّتي تَشهَدُ لي " ( يوحنا 5: 39) أما الرسول بولس يرى في الكتاب المقدس خيرَ وسيلة وسبيل للوصول إلى ميناء الأيمان والخلاص من خلال دراسته لفكر المسيح كقوله لتلميذه تيموثاوس: لأنك منذ الطفولة تعرف الكتبَ المقَدَّسةَ القادِرةَ أن تُحَكِّمكَ للخلاصِ، بالأيمانِ الذي في المسيحِ يسوعَ. ( 2تيم 3: 15)
معنى كلمة العهد ـ ماالمقصود بالعهد.
نلخص كلمة الكتاب المقدس بكلمتين هما: عهد قديم وعهد جديد.
والعهد: يأتي بمعنى ميثاق أو وصيّة أي عهد الله الذي قطعهُ مع شعبهِ والبشر من خلال أنبيائهِ فقطع عهداً مع أتقيائه أمثال: أدم، نوح، وإبراهيم ومع بني إسرائيل على يد موسى النبي كما جاء في سفر الخروج: " أخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب فقال كل ما تكلم به الرب يفعل ويسمع له. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هذا هو دم العهد الذي قطعهُ الرب معكم على جميع هذه الأقوال. ( خروج 24: 7 ـ 8 ) والرب يسوع قطع عهداً جديداً بقوله: " وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلكُّم. لأن هذا هو دمي الذي يُسفَك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا. ( متى 26: 27و28) ونلاحظ في كِلا العهدين يُعطى الخلاص بالدم/ في العهد القديم بدم الحيوانات الصامتة، والعهد الجديد بدم السيد المسيح فالأول دم مادي لا قيمة له ولا ثمن لأنه رمز للعتيد أن يأتي وإلى زوالٍ، وأما الثاني فروحي وخلاصي وباقي إلى الأبد.
الأول كان مادي ويُعطي الطهارة للجسد والنفس والضمير ولهذا كان العهد القديم رمزاً للعهد الجديد ولم يكشف هدفه ومعناه إلى أن جاء العهد الجديد.
فكل الشرائع والطقوس الدينية التي وردت في العالم القديم دينياً ومدنياً كانت رمزاً للجديد على حدِ قول الرسول بولس: " إنَّ غاية الناموس هي المسيح " (رومية 10: 4 )
مكانة العهد القديم في المسيحية.
السيد المسيح والعهد القديم.
يصرح السيد المسيح بجرأة وإقدام في احد شروحَاتهِ أنَّ العهد الجديد هو مُكمِل للقديم وليس لنقضهِ أو إلغاؤه. " لا تظنوا أني جئتُ لأنقضَ الناموس أو الأنبياء. ما جيئتُ لأنقُضَ بل لأكمِّلَ . (متى 5: 17)
السيد المسيح تعلم العهد القديم كأي فتى صغير يهودي كما قيل عنه وهو في سن الثانية عشر في، وبين معلمي الناموس. ( لو 2: 41 ـ 47) يحث اليهود على حفظ الشريعة : فبعد أنَّ طَّهر الأبرص من مرضهِ سأله أنَّ يذهب ليرَاه الكاهن ويقدم القربان الذي أمر به موسى. ( متى 8 ، لوقا 5: 12)
يستخدم آيات في الرد من العهد القديم. في التجربة مع إبليس في البرية ( مت 4) ورده على أحد رؤساء الكهنة " الشاب الغني" .( لوقا 18: 18)
وإجابتهِ على الفريسين في موضوع الطلاق (متى 19) وحديثهِ عن خراب أورشليم وهيكلها ونهاية العالم (متى 24)
أشار إلى بعض الطقوس اليهودية مثل الختان وحفظ السبت. ( متى 12: 9) تكلم عن بعض الرموز العامة مثل الحيّة النحاسية . ( يوحنا 3: 14 و15) وإلى المن السماوي . ( يوحنا 6: 30 ـ 32) خبز التقدمة في الهيكل . ( متى 12) وإلى العليقة في حديثهِ مع الصدوقييِّن. ( لوقا 20 : 37) وأشار إلى حادثة سدوم وعمورة . ( متى 10 : 15)
كما تطرق رب المجد إلى رجالات العهد القديم منهم على سبيل المثال: نوح (متى 24: 37و38) وإبراهيم وإسحق ويعقوب.( مر12، لو 20) لوط وامرأته ( لو17: 28 ـ 32) وداود النبي ( متى 22: 43، مر 12: 37) وسليمان الحكيم ( متى 6: 29، لو 12: 27) وإيليا الغيور الناري ( متى 11: 14، 17: 11) ويونان وأهل نينوى ( متى 12: 39، 16: 4، لو 11) ودانيال النبي ( متى 24:15)
وبعد قيامته يشرح لنا من العهد القديم بما يتعلق بالخلاص والفداء وذلك في لقائهِ مع تلميذي عمواس. " وأبتدأ من موسى والأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب.( لو 24: 27) ونفس الشيء شرح للتلاميذ وهم مجتمعين في العليَّة إنه لأبدَّ أن يتم ما هو مكتوب عنه في ناموس موسى والأنبياء والمزامير .لوقا 24)
شهادة من كَتَبة العهد الجديد.
تعامل كتَبة العهد الجديد مع القديم معاملة كمَن يؤمن بوحيهِ، بفهمٍ مشورةٍ وحكمةٍ، ولم يناقشوا المسألة أو يجادلوا أو يبرهنوا بل اعتبروه أمراً مُسلَماً به ليس إلاَّ.
ولذلك أقتبسَ رسل ربِّنا يسوع المسيح اقتباسات عديدة من العهد القديم وردت في البشائر الأربعة والرسائل وعلى وجه الخصوص القديس متى يقول: هذا ما يتم بالنبي القائل، أو كما تنبأ عنكم إشعياء قائلاً: " لكي يتم ما قيل بالنبي القائل: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمهُ عمَّانوئيل الذي تفسيره الله معنا. ( اش 7: 14 و متى 1: 23 )
لكي يتم ما قيل بالنبي القائل: " من مصرَ دعوت ابني" هوشع 11: 1 ومتى 2: 15) حسناً تنبَّأ عنكم إشعيا قائلاً : يقترب إليَّ هذا الشعب بفمهِ ويكرمني بشفتيهِ وأما قلبهُ فمبتعدٌ عني بعيداً. متى 15: 8 وإش 29: 13 )
كما استشهد الرسول بولس في رسائله جملةً ما عدا رسالته القصيرة إلى تلميذه فليمون. " المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنةً لأجلنا لأنه مكتوبٌ ملعونٌ كلُّ مَن عُلِقَّ على خشبة. ( غلاطية 13:3) يذكر اسم الساحران وهذا غير وهذا غير مذكور في العهد القديم " وكما قاوم ينِّس ويمبريس موسى. 2تيموثاوس 3: 8 وخروج 7: 11)
وكذلك يستشهد الرسول بالجديد " لأنني تسلَّمت من الرب ما سلَّمتكم أيضاً أن الرب يسوع في الليلة التي أُسلِمَ فيها أخذ خبزاً. وشكر فكسر وقال ( خذوا كلوا ) هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلاً: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. اصنعوا هذا كلَّما شربتم لذكري. ( 1كورنثوس 11: 23 ـ 25 و متى 26: 26 ومرقس 14: 22 ولوقا 22: 19) لأن ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي .. الذي استقبل إبراهيم راجعاً من كسرة الملوك وباركه الذي قسم له ابراهيم عشراً من كل شئ. ( عبرانيين 7: 1و2 وتكوين 14: 17)
إلى هنا أعاننا الرب