ليلة مجنونة

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 1881
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 7:22 pm

ليلة مجنونة

مشاركة بواسطة ابن السريان »

ليلة مجنونة
في أي عصر نحن وبأي زمان جئنا
قبل النت كنا نعيش في عالم صغير ونحلم بحجمه
ونعيش أحلامه وآلامه وأفراحه فكانت صغيرة
بصغر عالمنا كنا نعيش في قرية أو مدينة وأحلامنا
لا تتجاوز حدود تلك المنطقة فكان عدد المناسبات محدود
كنا أيام نفرح وأخرى نحزن لحزن الآخرين ونتعب من
جهد بذل لكسب لقمة العيش ونمضي أغلب الوقت في
محادثة الآخرين لكسب بعض المعرفة أو الخبرة من تجاربه
ونتسامر عند الجيران وهم عندنا بالتناوب ونمضي الليل بطوله
وكنا نتلهف لقادم من خارج المدينة لنتعرف على العالم خارجها
فنجتمع في منزل المضيف لنرحب بضيفه ونتعرف على عالمه
وكنا نخلد للنوم بألم قليل وحزن وفرح كانت عقولنا تتحمله وقلوبنا
تستوعبه وأجسادنا ترتاح من تعب النهار فتعيد لنفسها القوة لليوم التالي
أما اليوم وفي هذه الليلة حصل أمر لم أتوقعه ولم أحسب له حساب
فيها أصبحت كالمجنون لحظات أضحك وأخرى أبكي وأخرى أغضب
ومرة أضحك وأبكي وأغضب بآن واحد ربما تقولون بأنني جننت
أجل لقد أصابني الجنون بعد أن تجولت في عالم النت الذي حمل لي
كل هموم العالم وأفراحهم وأحزانهم ومصائبهم بضربة زر على الجهاز
أجل بعد أن تصفحت صفحات النت وجلت العالم كله وعشت أفراحهم
وأتراحهم وتلمست مصاعبهم بحكم المشاعر الموجودة في البشر
ربما يسأل قائل لما تتعبك نفسك أغلق الجهاز فترتاح
لكن ألا يعلم الفضول عند البشر لمعرفة كل شيئ وخاصة عندما يشدك عنوان
فتتابع القصة فيه فتصدم بها وتحزن لحزنها وتغضب لمصاب فيها
المهم أحببت أن أشكي لكم همي ومصابي الكبير لقد حملنا التطور ما لا نقدر
على حمله فعقولنا صغيرة لا تستوعب كل هذه الأحداث ولكن مجبر أخاك لا بطل
تمر الساعات والأيام والشهور والأحداث تستمر في جرف البشر
النت حول العالم لقرية بل لغرفة صغيرة ترى فيها كل شيئ وهنا تكمن المصيبة
فأنت تعيش ما يعيشه الآخرين برغم عنك بمتابعة مقال أو مقطع فيديو أوخبر
أنني أشفق على هذا الجيل والأجيال القادمة وأحسد الأجيال السابقة التي سبقتنا
فهي لم تعش ما نعيشه نحن الآن من ضغط التطور والتقدم .
كم أتمنى أن أعود بالزمن لقبل أختراع النت والكمبيوتر لقد سرقنا من أسرنا
ومن العالم الذي يجب أن نعيش لأجله قريتنا أو مدينتنا أو أسرتنا
اليوم نادراً ما نتكلم مع أولادنا لمعرفة أحتياجهم الروحي فالمادي معروف
لأنهم يطلبونه منا فهم بحاجة إلى جهاز وبعض الثياب والطعام أمر طبيعي
وأما الزوجة والعلاقة الزوجية أصبحت في عالم النسيان ربما هي تملك جهاز
وهي مثل زوجها منهمكة به أو ربما تشاركه الجهاز ويتناوبون عليه وبكلا الحالتين
لا شراكة في العواطف أو الحياة الزوجية الحقيقية .
أنني أحسد والدي الذي كان يمضي جل وقت مع والدتي يحدثها عن عمله وعن مشاريعه
وكانت تشاركه ماضيه وحاضره ومستقبله
أما اليوم أصبح النت الوسيط بين الجميع وصلة الوصل بينهم وأضف لذلك أجهزة المحمول
لن أطيل عليكم لقد جننت الليلة وبعد صحوة سطرت لكم هذه الأسطر ثم عدت لجنوني

بركة الرب معكم
أخوكم: ابن السريان


صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”܀ أخبـــار عامــــة ـ دوليــــــــــــة“