إنجيل مرقس
الأصحاح الثاني { الحوار حول السبت}
واجتاز في السبت بين الزروع، فابتدأ تلاميذه يقطفون السنابل وهم سائرون.
فقال له الفريسيون: انظر لماذا يفعلون في السبت ما لا يحل؟
فقال لهم: أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه؟
كيف دخل بيت الله في أيام أبيأثار رئيس الكهنة، وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة، وأعطى الذين كانوا معه أيضاً. ثم قال لهم: السبت إنما جعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت. إذا ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً.
الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا نقول:
ـ لم يكن التقاط الرب يسوع وتلاميذه للسنابل سرقة، فقد (أوصى الله العبرانيين أن يهتموا بالمحتاجين، فطلب من الشعب أن يتركوا زوايا حقولهم غير محصودة، لتكون طعاماً للغريب والمسكين. فما أسهل تجاهل المساكين أو نسيان من ليس عندهم مثل ما عندنا، ولكن الله يحب الكرم. فبأي أسلوب يمكنك أن تترك ـ زوايا حقولك ـ للمحتاجين؟ )
على الزارعين اليهود أن لا يحصدوا زوايا وأطراف حقولهم، ليلتقطها المسكين وعابر السبيل. وكما أن السير على الطريق الجانبي ليس تعديا على ملك الغير، كان الأكل من الحبوب على أطراف الحقل لا يعتبر سرقة.
ـ كانت الشريعة تنهى عن الحصاد في يوم السبت . وكان الهدف من ذلك القانون منع الفلاحين من الطمع وتجاهل الله في يوم السبت، كما أنه كان يحمي العمال من إرهاقهم بالعمل. وقد فسر الفريسيون عمل يسوع وتلاميذه، قطف سنابل الحنطة وفركها بأيديهم، بأنه حصاد، وبذلك اتهموا يسوع بكسر الشريعة، ولكن الرب يسوع وتلاميذه لم يقطفوا السنابل لكسب شخصي، بل كانوا يلتقطون شيئاً ليأكلوه. لقد كان الفريسيون يتمسكون بحرفية الشريعة، لدرجة فقدوا معها معرفة القصد الحقيقي منها.
ـ لقد كان قادة اليهود الدينيون مقيدين بشرائع من صنع البشر، حتى فقدوا رؤية ما هو صالح وصائب.
أن السبت هو يوم عمل الخير، فقد رتب الله السبت ليكون يوماً للراحة والعبادة، ولكنه لم يقصد أن يكون الاهتمام بالراحة مانعاً من تحريك أصبع لمعاونة الآخرين. فلا تسمح أن يصبح يوم الراحة وقتا للاهتمامات الأنانية.
ـ استخدم الرب يسوع مثال الملك داود ليبين مدى سخافة اتهامات الفريسيين. فقال إن الله خلق السبت لفائدتنا وليس لفائدته، فالله لا يستفيد شيئاً من راحتنا في يوم السبت، ولكننا نحن نستعيد قوانا الجسدية والروحية عندما نصرف وقتاً في الراحة وتركيز أفكارنا على الله. ولكن أصبحت شرائع السبت عند الفريسيين، أهم من الداعي إليها، وقد علم كل من داود والرب يسوع أن القصد الحقيقي من شريعة الله هو تعزيز المحبة لله وللآخرين، فلا تحفظ أي شريعة حفظاً أعمى دون النظر بدقة في أسبابها، فروح الشريعة أهم من الحرف.
له السلطان والمجد إلى ابد الآبدين آمين.