عيد البشارة هو واحد من أهم الأعياد في الكنيسة المقدسة، لأنه بحسب تسلسل الأحداث الإنجيلية يأتي حدث البشارة في مقدمتها، ونظراً لأهمية هذا العيد جاء في التقليد الكنسي أنه إذا وقع يوم عيد البشارة حتى في أسبوع الحاش، ولو وقع في جمعة الصلبوت، يُحتفل بالقداس الإلهي، لأنه أصل الأعياد وأولها،
ولهذا تكّرم الكنيسة المقدسة أمنا العذراء مريم في هذا العيد الثابت، الذي يقع في الخامس والعشرين من شهر آذار، وإذا أضفنا ثلاثة عشر يوماً إليه بحسب التقويم الشرقي لوقع العيد في نيسان، وهذا يؤكد ما ردده الملفان السرياني : في نيسان بشر الملاك جبرائيل بحبلك، وفي كانون (الثاني بحسب التقويم الشرقي) احتفلنا بميلادك. أما أحد البشارة الذي يأتي عادة في الأحد الرابع من السنة الكنسية الطقسية، فهو ذكرى البشارة بحسب التسلسل الإنجيلي، ولكن الكنيسة أيضاً تتلو القراءات ذاتها، لأن لبشارة أمنا العذراء مريم مكانة خاصة في حياة الكنيسة.
ترتيلة : طوباكِ يا عذراء مريم



طوبـاكِ يا عـذراء مريـمْ أم يســـوع الغــالــــي
آه يـا مـريــــــــــــــــــم أم يســـوع الغــالــــــي
أنـتِ يـا هيـكلْ سُـليمـان بـانــي البنــــــيـــــانــي
آه يـــــــــــا مـريــــــم بــانـي البنـــــيـــــانــــي
فروميون : التسبيح للعظيم الذي شاء أن يَحصر في أحشاء العذراء ذاته، التقديس للجبّار الذي سند الأحشاء ليحل فيها بمحبته، التهليل لمقيت الكائنات الذي آقتات من ثدي الطاهرة تواضعاً منه، الإكرام للإله الذي بشّر العذراء بالحدث العظيم فبادرها الملاك بالسلام، ثم حلَّ فيها إله السلام ليزرع سلامه في المعمودية كلها، الصالح الذي به يليق الحمد والشكر في هذا الوقت.
سدرو : ربنا يسوع المسيح، يا شمس البر ومخلص العالم، يا من تنازلت من سمو عظمتك، وفي أحشاء البتول القديسة حللت بإرادتك، لذلك نرفع إليك مع المرتل الإلهي تراتيل الحمد قائلين : لتسبح كل نسمة الرب، لأنه حلَّ في بطن العذراء وفي ملء الزمان نزل ابن الله من علياء مجده لخلاص بني جبلته، الذين ذلّلتهم الخطيئة وأغواهم الشيطان عدوه، فأرسل الملاك جبرائيل حاملاً بشارته إلى العذراء الطاهرة وقد بادرها بالسلام قائلاً : السلام لك يا ممتلئة نعمة مباركة أنت في النساء. السلام لك يا هيكل الله الناطق والفائق بهاؤه. السلام لك يا خزانة الخبز السماوي مقيت كل البرايا. السلام لك يا سفينة حملت مخلص العالم. السلام لك يا ممتلئة نعمة وأم القديم الأيام الذي شاء أن يصير جنينا في أحشائك. السلام لك يا عروساً لم تعرف رجلاً. السلام لك يا قبة السماء التي أشار إليها يعقوب بالسلم النورانية. السلام لك لأن منك أشرق رب الشعوب والأمم. السلام لك لأنك ولدت أمن العالم وسلامه. السلام لك لأنك صرت الجبل المقدس الذي منه اقتطع حجر بغير أيد بشرية. ومن أجل هذا فإن قبائل الأرض قاطبة تعطيك الطوبى قائلة : طوباك لأنك ولدت من تنبأ عنه اشعياء النبي وناجت من يرتعد السرافيم من الدنو منه رهبة من فائق جلاله. طوباك لأنك احتضنت النار غير الهيولية في داخلك. طوباك يا فخر الأنبياء وبهجة الرسل الأتقياء ومسرة الشهداء الأبرياء. طوباك يا إكليل البتولات ومفخرة الصبايا والفتيات.
والآن نسألك لتتضرعي إلى الإله المولود منك لكي يحفظ أبناء بيعته ورعاتها، ويمنح النقاء لكهنتها، والعفة لشمامستها، ويسند الشيوخ، ويهدي الشبان إلى صالح الأعمال، ويعزي الأرامل والأيتام، ويبطل الحروب والفتن، ويجعل الحكام بعدل يقضون، ويغفر للخطاة التائبين، ويعيد بالسلام البعيدين، ويحفظ القريبين، ويشفي المرضى، ويفرج عن المتضايقين، ويكتب في سفر الحياة أسماء الموتى المؤمنين، ويريحهم في مخادع النور، لكي نحن وهم نرفع له الحمد والشكر،ولابنه، ولروحه القدوس، الآن وكل أوان وإلى أبد الآبدين آمين.
القراءة من إنجيل لوقا 1 : 26 ـ 38):
وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ. إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ. فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ وَفَكَّرَتْ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ التَّحِيَّةُ. فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً. فَأَجَابَ الْمَلاَكُ اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِراً. لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ. فَقَالَتْ مَرْيَمُ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.
وبهذه المناسبة الغالية على قلوبنا نتقدم بالتهاني القلبية لكل من يحمل اسم سيدتنا العذراء مريم والدة النور والخلاص وله علاقة مع البشارة، بالعمر المديد والصحة والعافية، وكل عام والجميع بألف خير.
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الآبدين آمين.

