بقلم الأب الفاضل القس عيسى غريب
سافر أخي إلى بلاد بعيده وبعيده جدًا، وكان الفراق صعبًا وأنا أعانقه وأقول له لا
تنسى الرسائل، لا تنسانا إذا كانت المسافات شاسعة وواسعة، ودعته وعيوني
مملوءة حزن وكآبه، وقلت له إنه الموت. قد يجوز أن لا نلتقي إلا الأبد، وقد
يجوز أن نلتقي بعد شهور أو سنوات،
عدت إلى البيت ومرت الأيام والسنين، وبدأت أكتب الرسائل من غير جواب، بدأت
أكتب الرسائل والعنوان غير صحيح، بدأت أسال القادمين من بلاد الغربة،
فالجواب هو إننا رأيناه ولكن لا نعرف العنوان، رأيناه في حفل، رأيناه في جنازة
فلان وهكذا، فقدت أخي الغالي وبدأت أفتش عليه في كل مكان، حقًا مات أخي،
وإن كان على قيد الحياة ولكن بالنسبة لي قد مات، بدأت أفتح بيتي للعزاء، وبدأت
فناجين القهوة المرة تدور وبدأت الخيمة تمتلئ بالمعزين. فالسؤال هل حقًا مات
أخوك فقلت نعم عندما لا أستطيع أن أراه طول العمر فقد مات بالنسبة لي وبالنسبة
إلى الله. بدأت أفكر عن طريق لكي أسافر أنا أيضًا أفتش عن أخي الضائع في بلاد
صعبه، فيها كل شئ متغير، كل شئ فيها غير شكل، حتى السماء تكون دومًا
غائمة، والطرقات والبيوت والشوارع والناس،قررت السفر مثل هؤلاء المسافرين
إلى بلاد الغربة، حيث أسمع عنها الكثير، وأنا في الطائرة وأقول هل أجد أخي، هل
من ناس يرشدوني على بيته هل أستطيع أن أراه ،عند أحد الأصدقاء، حتى يأتي
الفرج وأرى أخي الغريب، الضائع في بلاد واسعة وبعيده،
راودتني الأفكار: هل أخي حي أم ميت؟ هل أخي بقي أخي الذي أنا أعرفه أم
أنصهر في المجتمع الذي يعيش فيه؟ هل أخي تغيرت ملامح وجهه من الثلج أم
أصبح أشقر؟ وأنا أعرفه وشكله أسمر، هل أخي خان الأمانة المسيحية وترك
التراث والعادات والتقاليد والأعراف؟ هل ترك الإيمان أم خف إيمانه؟ هل نسيني
أم نسي لغته المباركة؟ وهل والكثير من الأسئلة التي بدأت أفكر بها وأنا في
طريقي لأفتش عن أخي الغريب..نزلت من الطائرة، وأفتش عن مكان أحتمي به
لكي أفتش عن أخي الضائع في بلاد الغربة، أين هو أخوك؟ فقلت في هذا المدينة
الكبيرة( ما أسمها فقلت لا أستطيع أن أنطقه لأنني لا أعرف اللغة الأجنبية، ولكن
إذا رأيت أسم المدينة أعرفه،وأنا أمشي في شوارع تلك المدينة الكبيرة وليس معي
عنوان،غريب يفتش عن غريب ..
قلت في نفسي اسأل الناس لعل أحد منهم يعرف أين هو. فسألت أحدهم وهو مار
في الشارع الكبير من تلك المدينة الكبيرة، وتخيل لي أنه هو أيضًا غريب،
سألته وقلت له مرحبًا؟ فأجابني بلهجة مكسرة مرحبابا فقلت ؟هل أنت تتكلم
اللغة العربية ، فقال أنا أعرف قليل عربي. ولكن قل ماذا تريد، يتكلم العربية
بصعوبة جدًا فقال أنا صار لي 45 سنة أعيش في المانيا وأنا صغير هاجرة مع أبي
وأمي، فقلت له أنا غريب وأسأل عن أخي غريب، فقال كلمكم غريب، فقلت الله
كتب علينا أن نكون غرباء في هذا الحياة.وبعد دردشة متقطعة، قال لي أين يسكن
أخول غريب وهل معك عنوان؟ فقلت لا ولكن قالوا لي أنه هنا في هذا البلد
الكبير، فقال لي صعب عليك أن تستدل مكانه، لأن هذه البلاد هي صعبة للغرباء
أنهم يضيعون في بلاد واسعة،وينصهرون في مجتماعاتها المفتوحة، ومن كثرة
الحرية المتاحه لهم لا يعرفون أين هم. وهنا الضياع الحقيقي.
تذكرت مثل حبة الحنطة التي وقعت على الطريق وداسها الناس، ولم تنبت لأنها لا
أصل لها في ذاتها، لا تربة، ولا أرض خصبة،بل طريق يمر عليها الفقير والغني
والجاهل والمتعلم، الذي يستحق والغير مستحق،
فقلت له هل تعرف أخي؟
أجابني من هو أخوك وأين يسكن أخوك،
فقلت لا أعرف عنوانه، ولكن أعرف أسمه ؟ فقال ما أسمه فقلت له غريب سرياني
آرامي، أو سرياني آرامي غريب.
فقال لي صعب عليك أن تستدل مكانه، بدون عنوان..
لأن هذه البلاد بدون عنوان صعب أن تصل إلى بيته ومعرفته وإقامته .
اعتذر مني وطلب الذهاب وفارقني، وأنا أفكر هل سوف أرى إنسان آخر مثل هذا
الإنسان أن يتكلم معي بلغتي ولو كانت صعبه بعض الشي،
أكملت مشواري في شوارع المدينة الكبيرة ومن كبر المدينة تخيلت أن العالم كله
هنا، بنايات شاهقات سيارات لا تعد ولا تحصى، شوارع واسعة لا أعرف إلى أين
المسير، والأكثر من ذلك حقيبتي التي تندت يدي من العرق والتعب،حيث مرة
أحملها في يدي الشمال ومرة في يدي اليمين ومرة أضعها على كتفي وهكذا..
تذكرت كلمة من الخالق، حين قال اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم، ولكن يارب ماذا
أطلب؟ وباب من أقرع. وكل شئ في هذا العالم الغريب ( هو غريب ) تذكرت أن
كلام أبونا إبراهيم عندما قال أنا غريب أعطوني مكان قبر لأدفن ميتي من قدامي
لبني حث، وتصورت أنا أيضَا أصبحت في هذا المدينة غريب يفتش عن مكان،
يسند رأسه أفتش عن أخي الذي فقدته،وأنا أفكر بعد أن سيطر التعب واليأس علي،
فجلست على مقعد من المقاعد المخصصة للناس وبجانبها حديقة،وشريط الأحلام
في ذاكرتي هل مات أخي. أم إذا رآني سوف يعرفني، هل بقي مسيحيًا كما كان
يقال في بلادنا، هل نسي العادات والتقاليد والأعراف؟ وهل خان الأمانة؟ وهل
نسي الخالق المعلق على الصليب؟ وهل نسي الصلاة ؟ والكثير من الأسئلة التي
كانت تراودني. وإذا برجل ومعه طفل، يجلس بجانبي،وكانت ملامحه تشبه كأنه
شرقي البنية وشرقي اللون، فقلت اسأله والسؤال لا يوجد عليه ضريبة، فقلت له
بالإنكيزية دو يو سبيك أرابيك. هل تعرف العربية، فقال نعم أنا أعرف اللغة
العربية، وهل أنت تتكلم اللغة العربية؟ فقلت نعم، فقال ماذا تريد وهل يلزمك شئ،
فقلت له أنا غريب وأفتش عن أخي غريب، فقال لا تعرف العنوان؟ فقلت له ؟ لا
أجابني، وهو صعب عليك بهذا الشكل أن تعرفه،فقال هل تعرف اللغة السريانية
فقلت؟ نعم فقال لي أنا أعرف واحد يعرف هذا اللغة، ولكن بعيد من هنا، فتوسلت
له أن يرشدني على أي كان من هؤلاء الناس، ونحن بين سؤال وجواب، وبين
الفرج والفرح وبين اليأس والتعاسة، فكرت يبدوا أن بصيص من الأمل صار على
يد هذا الإنسان، وإذ بهي يتركني ويصيح بأحد المارة، ويقول له تعال يا أبو
صليب، فجاء أبو صليب إلينا وقال له هذا رجل غريب ويفتش عن أخوه غريب،
وهو يتكلم لغتكم الغريبة.وهو يفتش على أخوه، ولا يعرف له عنوان، فقال أنت
وصلت، أنا لا اعرف أخوك غريب، ولكن أعرف أن هناك مجموعة من الناس من
الشرق، يتكلمون لغة المسيح، وعندهم كنيسة ولهم عادات وتقاليد غريبة في هذا
البلد لعلهم يدلوك ويرشدوك، عن أخوك فلم يبخل علي، فأخذتنا التكسي ونحن
سائرون صوب الكنيسة التي يعلوا عليها ناقوس كبير وصليب مضاء، وباحة كبيرة
وصالون متسع من الناس بعد أن تركنا سائق التكسي، وإذا به يقول تستطيع أنت
أن تسألهم ماذا تريد وأنا داخل باب الصالون الكبير، وإذا بفرقة الكشاف تعزف،
وصوت الطبول يصل إلى عنان السماء، وفي الطرف الآخر جوقة من المرتلات،
ترتل تراتيل سريانية أفرامية، وإذا بالمستقبلين بالعشرات والذي لم أكن أراه منذ
سنوات رأيته، وقالوا لي جئت في هذه المناسبة إنه عيد الصليب، وبدأت المعانقات
وأمتزج الفرح مع البكاء، وكل من عانقني بكى وبكيت أنا أيضًا وقلت أين هو أخي
غريب فقالوا بصوت واحد كلنا أخوك غريب وما أن انتهينا من المصافحة
والإستقبال، ودار الحديث بيني وبين أخوتي الغرباء، حتى بدأت الحفلة بإفتتاحيتها
بالصلاة الربانية (نتقاداش شموخ) مع موسيقا والكشاف بدأ يعزفون بأنشيد أفرامية،
فقلت في نفسي هل أنا في الغربة أم بين الإهل في البيت العتيق،أم أنا في خيال أو
في منام أم في حقيقة، كيف وصلت؟ هل هي شطارة أم هي ذكاء،أم أن الله فتح لي
الباب عندما قرعت، وطلبت منه، وحقًا أن الذي يقرع يفتح له والذي يسأل فيجاب
له، حقًا لم نخصر أي شئ من التراث من العادات من الإيمان من المسيح، ما دام
هذا الشعب يحوي غيورين مثل هؤلاء الشباب، الذين حسبتهم غرباء،قد ضاعوا
وأنصهروا في مجتمعات تبتلع الأخضر واليابس، تبتلع الأخلاق الحسنة والأخلاق
الفاسدة، ولكن أصبحوا بالإيمان. وأصبحوا بالإخلاص. والتعاون أصحاب البيت
ولم يبقوا غرباء.
أختم كلامات وقصتي، لكل الشباب الغيورين، ولكل الشباب المخلصين من أبناء
الكنيسة، أن لا يكونوا غرباء فيها بل يكونوا أصحاب البيت، وتأكدوا أن من سقى
كأس ماء بارد لهؤلاء الصغار اجره لن يضيع عند الرب. استيقظوا أيها الشباب،
وحاولوا أن تغيروا حياتكم مع المسيح كم هي طيبة الحياة مع المسيح الحياة بين
أبناء الكنيسة، قد لا ترى لذتها في البداية ولكن سوف ترى نفسك أنك أنت صاحبها
وجني الثمار يأتي بعد أن نصير أعضاء فاعلين في جسم الكنيسة، لنربح أنفسنا
ونربح أطفالنا ونربح الحياة الحقيقة، بيعة الأبكار، اورشليم السماوية،والذين يكونون
: مسجلين بها. تعالوا أيها الغرباء إلى عشاء الرب، كما قال يوحنا اللاهوتي في 19
9 ) طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الخروف،هذه هي الحقيقة، وهذه الأقوال هي
صادقة. أمين.
الأب القس الفاصل عيسى غريب كاهن كنيسة فولندورف
سافر أخي إلى بلاد بعيده وبعيده جدًا، وكان الفراق صعبًا وأنا أعانقه وأقول له لا
تنسى الرسائل، لا تنسانا إذا كانت المسافات شاسعة وواسعة، ودعته وعيوني
مملوءة حزن وكآبه، وقلت له إنه الموت. قد يجوز أن لا نلتقي إلا الأبد، وقد
يجوز أن نلتقي بعد شهور أو سنوات،
عدت إلى البيت ومرت الأيام والسنين، وبدأت أكتب الرسائل من غير جواب، بدأت
أكتب الرسائل والعنوان غير صحيح، بدأت أسال القادمين من بلاد الغربة،
فالجواب هو إننا رأيناه ولكن لا نعرف العنوان، رأيناه في حفل، رأيناه في جنازة
فلان وهكذا، فقدت أخي الغالي وبدأت أفتش عليه في كل مكان، حقًا مات أخي،
وإن كان على قيد الحياة ولكن بالنسبة لي قد مات، بدأت أفتح بيتي للعزاء، وبدأت
فناجين القهوة المرة تدور وبدأت الخيمة تمتلئ بالمعزين. فالسؤال هل حقًا مات
أخوك فقلت نعم عندما لا أستطيع أن أراه طول العمر فقد مات بالنسبة لي وبالنسبة
إلى الله. بدأت أفكر عن طريق لكي أسافر أنا أيضًا أفتش عن أخي الضائع في بلاد
صعبه، فيها كل شئ متغير، كل شئ فيها غير شكل، حتى السماء تكون دومًا
غائمة، والطرقات والبيوت والشوارع والناس،قررت السفر مثل هؤلاء المسافرين
إلى بلاد الغربة، حيث أسمع عنها الكثير، وأنا في الطائرة وأقول هل أجد أخي، هل
من ناس يرشدوني على بيته هل أستطيع أن أراه ،عند أحد الأصدقاء، حتى يأتي
الفرج وأرى أخي الغريب، الضائع في بلاد واسعة وبعيده،
راودتني الأفكار: هل أخي حي أم ميت؟ هل أخي بقي أخي الذي أنا أعرفه أم
أنصهر في المجتمع الذي يعيش فيه؟ هل أخي تغيرت ملامح وجهه من الثلج أم
أصبح أشقر؟ وأنا أعرفه وشكله أسمر، هل أخي خان الأمانة المسيحية وترك
التراث والعادات والتقاليد والأعراف؟ هل ترك الإيمان أم خف إيمانه؟ هل نسيني
أم نسي لغته المباركة؟ وهل والكثير من الأسئلة التي بدأت أفكر بها وأنا في
طريقي لأفتش عن أخي الغريب..نزلت من الطائرة، وأفتش عن مكان أحتمي به
لكي أفتش عن أخي الضائع في بلاد الغربة، أين هو أخوك؟ فقلت في هذا المدينة
الكبيرة( ما أسمها فقلت لا أستطيع أن أنطقه لأنني لا أعرف اللغة الأجنبية، ولكن
إذا رأيت أسم المدينة أعرفه،وأنا أمشي في شوارع تلك المدينة الكبيرة وليس معي
عنوان،غريب يفتش عن غريب ..
قلت في نفسي اسأل الناس لعل أحد منهم يعرف أين هو. فسألت أحدهم وهو مار
في الشارع الكبير من تلك المدينة الكبيرة، وتخيل لي أنه هو أيضًا غريب،
سألته وقلت له مرحبًا؟ فأجابني بلهجة مكسرة مرحبابا فقلت ؟هل أنت تتكلم
اللغة العربية ، فقال أنا أعرف قليل عربي. ولكن قل ماذا تريد، يتكلم العربية
بصعوبة جدًا فقال أنا صار لي 45 سنة أعيش في المانيا وأنا صغير هاجرة مع أبي
وأمي، فقلت له أنا غريب وأسأل عن أخي غريب، فقال كلمكم غريب، فقلت الله
كتب علينا أن نكون غرباء في هذا الحياة.وبعد دردشة متقطعة، قال لي أين يسكن
أخول غريب وهل معك عنوان؟ فقلت لا ولكن قالوا لي أنه هنا في هذا البلد
الكبير، فقال لي صعب عليك أن تستدل مكانه، لأن هذه البلاد هي صعبة للغرباء
أنهم يضيعون في بلاد واسعة،وينصهرون في مجتماعاتها المفتوحة، ومن كثرة
الحرية المتاحه لهم لا يعرفون أين هم. وهنا الضياع الحقيقي.
تذكرت مثل حبة الحنطة التي وقعت على الطريق وداسها الناس، ولم تنبت لأنها لا
أصل لها في ذاتها، لا تربة، ولا أرض خصبة،بل طريق يمر عليها الفقير والغني
والجاهل والمتعلم، الذي يستحق والغير مستحق،
فقلت له هل تعرف أخي؟
أجابني من هو أخوك وأين يسكن أخوك،
فقلت لا أعرف عنوانه، ولكن أعرف أسمه ؟ فقال ما أسمه فقلت له غريب سرياني
آرامي، أو سرياني آرامي غريب.
فقال لي صعب عليك أن تستدل مكانه، بدون عنوان..
لأن هذه البلاد بدون عنوان صعب أن تصل إلى بيته ومعرفته وإقامته .
اعتذر مني وطلب الذهاب وفارقني، وأنا أفكر هل سوف أرى إنسان آخر مثل هذا
الإنسان أن يتكلم معي بلغتي ولو كانت صعبه بعض الشي،
أكملت مشواري في شوارع المدينة الكبيرة ومن كبر المدينة تخيلت أن العالم كله
هنا، بنايات شاهقات سيارات لا تعد ولا تحصى، شوارع واسعة لا أعرف إلى أين
المسير، والأكثر من ذلك حقيبتي التي تندت يدي من العرق والتعب،حيث مرة
أحملها في يدي الشمال ومرة في يدي اليمين ومرة أضعها على كتفي وهكذا..
تذكرت كلمة من الخالق، حين قال اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم، ولكن يارب ماذا
أطلب؟ وباب من أقرع. وكل شئ في هذا العالم الغريب ( هو غريب ) تذكرت أن
كلام أبونا إبراهيم عندما قال أنا غريب أعطوني مكان قبر لأدفن ميتي من قدامي
لبني حث، وتصورت أنا أيضَا أصبحت في هذا المدينة غريب يفتش عن مكان،
يسند رأسه أفتش عن أخي الذي فقدته،وأنا أفكر بعد أن سيطر التعب واليأس علي،
فجلست على مقعد من المقاعد المخصصة للناس وبجانبها حديقة،وشريط الأحلام
في ذاكرتي هل مات أخي. أم إذا رآني سوف يعرفني، هل بقي مسيحيًا كما كان
يقال في بلادنا، هل نسي العادات والتقاليد والأعراف؟ وهل خان الأمانة؟ وهل
نسي الخالق المعلق على الصليب؟ وهل نسي الصلاة ؟ والكثير من الأسئلة التي
كانت تراودني. وإذا برجل ومعه طفل، يجلس بجانبي،وكانت ملامحه تشبه كأنه
شرقي البنية وشرقي اللون، فقلت اسأله والسؤال لا يوجد عليه ضريبة، فقلت له
بالإنكيزية دو يو سبيك أرابيك. هل تعرف العربية، فقال نعم أنا أعرف اللغة
العربية، وهل أنت تتكلم اللغة العربية؟ فقلت نعم، فقال ماذا تريد وهل يلزمك شئ،
فقلت له أنا غريب وأفتش عن أخي غريب، فقال لا تعرف العنوان؟ فقلت له ؟ لا
أجابني، وهو صعب عليك بهذا الشكل أن تعرفه،فقال هل تعرف اللغة السريانية
فقلت؟ نعم فقال لي أنا أعرف واحد يعرف هذا اللغة، ولكن بعيد من هنا، فتوسلت
له أن يرشدني على أي كان من هؤلاء الناس، ونحن بين سؤال وجواب، وبين
الفرج والفرح وبين اليأس والتعاسة، فكرت يبدوا أن بصيص من الأمل صار على
يد هذا الإنسان، وإذ بهي يتركني ويصيح بأحد المارة، ويقول له تعال يا أبو
صليب، فجاء أبو صليب إلينا وقال له هذا رجل غريب ويفتش عن أخوه غريب،
وهو يتكلم لغتكم الغريبة.وهو يفتش على أخوه، ولا يعرف له عنوان، فقال أنت
وصلت، أنا لا اعرف أخوك غريب، ولكن أعرف أن هناك مجموعة من الناس من
الشرق، يتكلمون لغة المسيح، وعندهم كنيسة ولهم عادات وتقاليد غريبة في هذا
البلد لعلهم يدلوك ويرشدوك، عن أخوك فلم يبخل علي، فأخذتنا التكسي ونحن
سائرون صوب الكنيسة التي يعلوا عليها ناقوس كبير وصليب مضاء، وباحة كبيرة
وصالون متسع من الناس بعد أن تركنا سائق التكسي، وإذا به يقول تستطيع أنت
أن تسألهم ماذا تريد وأنا داخل باب الصالون الكبير، وإذا بفرقة الكشاف تعزف،
وصوت الطبول يصل إلى عنان السماء، وفي الطرف الآخر جوقة من المرتلات،
ترتل تراتيل سريانية أفرامية، وإذا بالمستقبلين بالعشرات والذي لم أكن أراه منذ
سنوات رأيته، وقالوا لي جئت في هذه المناسبة إنه عيد الصليب، وبدأت المعانقات
وأمتزج الفرح مع البكاء، وكل من عانقني بكى وبكيت أنا أيضًا وقلت أين هو أخي
غريب فقالوا بصوت واحد كلنا أخوك غريب وما أن انتهينا من المصافحة
والإستقبال، ودار الحديث بيني وبين أخوتي الغرباء، حتى بدأت الحفلة بإفتتاحيتها
بالصلاة الربانية (نتقاداش شموخ) مع موسيقا والكشاف بدأ يعزفون بأنشيد أفرامية،
فقلت في نفسي هل أنا في الغربة أم بين الإهل في البيت العتيق،أم أنا في خيال أو
في منام أم في حقيقة، كيف وصلت؟ هل هي شطارة أم هي ذكاء،أم أن الله فتح لي
الباب عندما قرعت، وطلبت منه، وحقًا أن الذي يقرع يفتح له والذي يسأل فيجاب
له، حقًا لم نخصر أي شئ من التراث من العادات من الإيمان من المسيح، ما دام
هذا الشعب يحوي غيورين مثل هؤلاء الشباب، الذين حسبتهم غرباء،قد ضاعوا
وأنصهروا في مجتمعات تبتلع الأخضر واليابس، تبتلع الأخلاق الحسنة والأخلاق
الفاسدة، ولكن أصبحوا بالإيمان. وأصبحوا بالإخلاص. والتعاون أصحاب البيت
ولم يبقوا غرباء.
أختم كلامات وقصتي، لكل الشباب الغيورين، ولكل الشباب المخلصين من أبناء
الكنيسة، أن لا يكونوا غرباء فيها بل يكونوا أصحاب البيت، وتأكدوا أن من سقى
كأس ماء بارد لهؤلاء الصغار اجره لن يضيع عند الرب. استيقظوا أيها الشباب،
وحاولوا أن تغيروا حياتكم مع المسيح كم هي طيبة الحياة مع المسيح الحياة بين
أبناء الكنيسة، قد لا ترى لذتها في البداية ولكن سوف ترى نفسك أنك أنت صاحبها
وجني الثمار يأتي بعد أن نصير أعضاء فاعلين في جسم الكنيسة، لنربح أنفسنا
ونربح أطفالنا ونربح الحياة الحقيقة، بيعة الأبكار، اورشليم السماوية،والذين يكونون
: مسجلين بها. تعالوا أيها الغرباء إلى عشاء الرب، كما قال يوحنا اللاهوتي في 19
9 ) طوبى للمدعوين إلى عشاء عرس الخروف،هذه هي الحقيقة، وهذه الأقوال هي
صادقة. أمين.
الأب القس الفاصل عيسى غريب كاهن كنيسة فولندورف