مختصرات من طفولتي ... بقلم حنا لبيب خوري

[حنا خوري]

كان جسرا من زوايا حديد يرتكز على حافتي النهر ، من جهتي الشرق والغرب ولم يكن يتسع الا الى سيارة واحدة وفي الاتجاه الواحد . ينتظرون بعضهم بعضا ، لم يكن هناك اشارات مرور . في نهايته من جهة الغرب كان يؤدّي الى دار البلدية ، وكان هناك رصيف البلدية اشبه بسوق الحميدية ... ولكن من صنع القامشلي . بائع الفستق السوداني ودخان ناره تصعد الى الأعلى ، عليه معطف سميك في ايام تموز وآب الحارة ، لا ضير فهو سوداني . واذا تابعت السير تتعثّر ببائعي العطور المصنّعة محلّيا . كنا نسميها .... عطور صلّي عالنبي .. ويقف شكرو وعيناه الواسعتان متوقّدتان وتراقب الكل ، لم يكن يبسط يده ليتسول فالكل يعرفه دون الحاجة الى دعاءه أو طلبه . كان الجميع يسخو عليه بما تجود به اياديهم ... لأنها كانت ايام خير وراحة بال وبساطة عيش .
عندما كنا في طريقنا الى مدرستنا السريان الكاثوليك في موقع السبع بحرات ، وعند رؤيتنا شكرو كانت ركبنا ترجف تحتنا ولا تستطيع ان تحملنا أو تساعدنا على المشي ن العديد من المرات استولى على ما نحمل من مأكل للمدرسة .. ومن بمقدوره ان يرفض أو يفكر في ان يمتنع عن اعطائه ما يريد . كان يحمل عصا غليظة لانستطيع خمسة من ان نحركها في ذلك الوقت من العمر .
يحكى أنه مرّ بالصدفة الى أحد الأعراس ودخل المطبخ وقضى نهائيا على ما كانوا قد هيأووه من مازوات وأكل للمعازيم ، حتى انهم يحكون عليه انه تبارى مع مصطفى الحلواني بأن يأكل صينية شعيبيات وهو واقف في الباب .. قضى عليها وشرب سطلا من الماء وذهب .
نعم كانت البيضة ب..فرنك واحد .. الطريق طويلة وطويلة الى المدرسة من مسكننا في حي البشيرية اقدم حارات القامشلي والى مدرستنا الخاصة السريان الكاثوليك .شوارع حارتي كانت مرصوفة حجر .اذكر عندما اتى احد معارفنا ليمدّد لنا اسلاك الكهرباء وعندما وصل التيار وسطع النور العجيب لم نكن نعلم كيف سنعيش حسب الحياة الجديدة حقا كانت متعة الحياة وقمة الرفاهية يومها ... مجرد لمس المفتاح تشع الغرفة ....يا للعجب العجاب .

من ذكريات قديمة

[adiblula]

رزق الله على أيام زمان

تلك الأيام على بساطتها ... كانت أفضل من تعقيدات هذا الزمان

تعيش وتتذكر .... وتحكي لنا ....

وأجمل تحية لأبي لبيب الغالي

[/color]

[فريد توما مراد]

عزيزي أبو لبيب .
بداية أشكرك جزيل الشكر على هذه الذكريات الطفوليّة
المتفرِّقة والمتنوِّعة التي بقت راسخة في ذهنك وستبقى
على مدى الدهر ، لاتستطيع الأيام محوها ، ولا تعاقب السنين ..
ولكن حبذا لو أطلعتنا أكثر على شخصيّة ( شكرو ) هذا ..
هل هو الذي يدور في ذهننا ، حيث سمعنا عنه الكثير من
البطولات والهفوات .. ؟ أم هو شكرو آخر الذي تتكلّم عنه ..؟
مايلزمنا هو ( لقبه ) .
لك تحيّاتي وإعجابي على هذا السرد المشوّق .
وفقك الرب
فريد

[/size]

[حنا خوري]

استاذي الغالي ابو جورج

أجل كما وقّعتم وختمتم لمشاركتي بأنّ تلك الأيام كانت أفضل من تعقيدات اليوم ...

اقولها بنغمة حزينة وحسرة عميقة ممزوجة بالقناعة والشك .. اننا نشكر الله اننا عشنا تلك الفترة المضيئة والمشعّة في حياتنا ... وان مثل تلك الحياة البسيطة والجميلة والهانئة لن تعود ولن نسمع بها مرة اخرى

وثالثا واخيرا

اشكرك من فادي على جمال تعقيبكم على مشاركتي البسيطة ووو
بركة عزرت آزخ معك

[حنا خوري]

حبيبي واخي ابو بولص

وانا بدوري اشكرك من الأعماق لوقوفك لقراءة اسطر من ذكريات طفولتي ...مع العلم اني قد مشيتُ اشواطا لا بأس بها في كتابة والحديث عن طفولتي في مذكّراتي لتبقى مرجعا لأولادي بعد ما أُنهي دوري في الحياة .
ثم اذا كان سؤالكم عن الشخصية ــ شكرو ــ فاقول يا اخي .. اذا كنتَ تقصد المرحوم والبطل شكرو زلفو ...فليس هو المقصود فذاك اذكر له حادثتين رواها لي من عاصروه ولم اكتب عنهما الى الآن ..
اما الأستاذ شكروو هذا الجديد ... فكان شخصية بسيطة العقل وعلى سبحانيته وكان تسلية للجمهور الذي يلتقي فيه .
واغلب سكان القامشلي القدماء يعرفونه حق المعرفة
اشكرك حبيبي وووو
بركة عزرت آزخ معك

[فريد توما مراد]

شكراً لك أخي أبو لبيب على هذا التوضيح
بين الشخصيتين .. وهذا ماأردته بالضبط
حتى لاتتداخل الأمور ببعضها البعض ، فيظن
البعض أن المقصود هو ( شكرو زلفو )
ذاك الذي يُعرف ببطولاته وشجاعته ، ويحمد
له في مواقف كثيرة .
حرستك عزرت آزخ
لك مودتي وتقديري
فريد

[/size]

[بنت السريان]

قرأت ما كتبت أخي الفاضل حنا المبارك عن مختصرات من طفولتك, إختاحني شعور مختلط من السعادة والحزن في آن واحد وحملتني على أجنحة الأثير إلى الماضي البعيد وأيام زمان
التي كنا نعيشها تحت خميلة البساطة والبراءة والأمن والسلام والمحبة بما تعنيه من معان مختلفة وما آلَ إليه أمرنا في الوت الحاضر , سرحت بعيداً بالمقارنة,فخيّمت علي موجة من الهم والأسى على جيل حاضرنا وقلت
الله يكون في عون الأجيال القادمة على الأقل نحن ذقنا طعم السعادة والفرح والعيشة الطيّبة

يرعاكم الرب ويعطيكم قوّة الذاكرة كي تسعفونا بمواضيعكم الشيّقة

اختكم بنت السريان