عيد مار يعقوب البرادعي ومار غريغوريوس يوحنا ابن العبري!

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
إسحق القس افرام
مدير الموقع
مدير الموقع
مشاركات: 54813
اشترك في: السبت إبريل 17, 2010 8:46 am
مكان: السويد

عيد مار يعقوب البرادعي ومار غريغوريوس يوحنا ابن العبري!

مشاركة بواسطة إسحق القس افرام »

عيد مار يعقوب البرادعي ومار غريغوريوس يوحنا ابن العبري
{}
في الثلاثين من شهر تموز من كل سنة تحتفل كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية بعيد بطلين قديسين جليلين معروفين هما: مار يعقوب البرادعي 578+، ومار غريغوريوس يوحنا ابن العبري 1286+


مار يعقوب البرادعي...هو من أشهر الأحبار ورعاً وأكبر المجاهدين الرسولين في نصرة المعتقد القويم ( الأرثوذكسية ) ولد في مدينة موزل وترهب في صباه وبرع في اللغات السريانية واليونانية وتعمق في علم اللاهوت والفلسفة . وقبل الحديث عنه كبطريرك لا بد من ذكر قصة الملكة تيودورة ناصرة السريان حيث تزوجت الإمبراطور جستنيان وأصبحت ملكة في الإمبراطورية الرومانية بين الأعوام ( 528 – 547 ) م وهي ابنة قسيس سرياني من مدينة منبج ( المصادر السريانية ) ونتيجة للخلاف العقائدي بين الخلقيدونيين والسريان الأرثوذكس فقد مارس الخلقيدونيين اضطهادات فظيعة على السريان عامة ورجال الدين خاصة فقد استولوا على معظم الأبرشيات في المنطقة ولم يبق منها سوى كرسيين فقط وزجوا بالباقي في السجن ولم يبق لديهم بطريرك، وفي تلك الحقبة كانت الحرب مستمرة بين الإمبراطوريتين. الامبراطورية الرومانية في الغرب وهي مسيحية، والإمبراطورية الفارسية المجوسية في الشرق، وقد جرت معركة فاصلة بينهما في منطقة الفرات الرصافة أو سيرجيوبوليس أي مدينة سرجيوس.
وقد كان يقطنها بعض القبائل العربية التي تنصرت وكانت من اتباع الطبيعة الواحدة أي (اليعاقبة )كما يسمونهم مع السريان الأرثوذكس وأشهر هذه القبائل هي قبيلة الغساسنة، يقودها أمير شجاع ووسيم هو الحارث بن جبلة الغساني، وقد دافع عن الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية وانتصرت على الفرس. فطلبه الإمبراطور جوستنيان للحضور إلى القسطنطينية للتعرف على هذا البطل الذي رد الفرس على أعقابهم وقد أطلق عليه اسم ملك العرب.
ولما كان حال السريان في هذه المنطقة يرثى لها ولم يبق من كراسي الأبرشيات سوى كرسيين فاجتمع إليه السريان وطلبوا منه مساعدتهم والتوسط لهم لدى الإمبراطور بواسطة الملكة السريانية الأرثوذكسية تيودورا وفي عام (528) م رحل الحارث بن جبلة الغساني إلى القسطنطينية وطلب من الملكة تيودورا التوسط لدى الإمبراطور لرسم مار يعقوب البرادعي مطراناً للرها وبلاد الشام وأسيا بوضع يد ثاودوسيوس بطريرك الإسكندرية الذي كان مسجوناً بالقسطنطينية بسبب معتقده الأرثوذكسي، ثم رحل إلى الإسكندرية وبمعاونة بعض أساقفتها رسم أسقفين وطفق يطوف بلاد الشام وأسيا الصغرى وفارس وبلاد أرمينيا وقبرص متنكراً ورسم بتفويض البطريرك الإسكندري سبعة وعشرين أسقفاً وقسوساً وشمامسة بلغ عددهم بضعة آلاف.
܀ يوحنا ابن العبري ولد يوحنا ابن العبري في ملطية عام (1226) من أسرة مسيحية، والده الطبيب الشهير والشماس هارون بن توما وأمه من النساء الفاضلات في زمانها وهو الرابع بين إخوته الخمسة، نشأوا جميعاً خير م غريغوريوس يوحنانشأ علماً وتقى، غادر والده ملطية عام ( 1243) متوجهاً مع عائلته إلى مدينة إنطاكية ( سوريا) هرباً من غزو التتار، ومكث فيها ثلاث سنوات.
ظهرت علامات النبوغ والعبقرية على يوحنا في شتى العلوم وأتقن خمس لغات هي السريانية واليونانية والعربية والفارسية والأرمنية، فلفت الأنظار حيث استدعاه البطريرك اغناطيوس الثالث ورسمه أسقفاً على أبرشية (جوباس ) في عيد الصليب من عام (1246) وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، ثم انتقل إلى أبرشية (لاقبين ) وبعد خمس سنوات نقلت خدماته إلى أبرشية حلب، ومكث فيها زهاء اثنتي عشرة سنة فتح فيها كنوز علومه وكان مثالاً للراعي الصالح. وخير دليل على ذلك خروجه إلى الطاغية هولاكو عندما حاصر مدينة حلب لاستعطافه، غير أن شفاعته لم تقبل واقتحم الجند المدينة، وقتلوا فيها أكثر مما قتلوا في بغداد، ومع ذلك كان هولاكو يجله لسمو مزاياه، وكثيراً ما كان يشاهد في بلاط هولاكو وهو يقابل بالاحترام والتقدير، كان ابن العبري متميزاً بالمرونة والحكمة، فلما توفي البطريرك اغناطيوس الثالث عام (1252)، اختار ابن العبري ديونيسيوس هرون عنجور مطران ملطية خلفاً للبطريرك الراحل لأنه كان صديقاً لأسرته، ولما اغتيل هذا عام (1261) تم اختيار البطريرك ابن المعدني ولما رقد بالرب هذا أيضاً عام (1263) رثاه ابن العبري بقصيدة بليغة، فخلفه البطريرك اغناطيوس يشوع، وكانت كنيسة المشرق من دون مفريان منذ ست سنوات فرشح ابن العبري لمفرانية المشرق لمنزلته العلمية والدينية، وحنكته. كانت حفلة تنصيبه من أروع الحفلات الدينية في تاريخ الكنيسة السريانية وذلك في ( 19- 1- 1264) بمدينة (سيس) في كنيسة والدة الإله، بحضور الملك وأعيان الدولة ورؤساء وأساقفة الأرمن وشعب غفير من شعبنا السرياني وفي نهاية الاحتفال ألقى عظة نفيسة افتتحها بآية داود النبي جبلتني ووضعت علي يدك ( مز 138: 5 ). وأول عمل له بعد رسامته، سفره مع البطريرك والأساقفة إلى مدينة ( ارزنجان ) والحصول على براءتين للبطريرك وله من هولاكو. فاستقبلته مدينة الموصل بمسيحيها ومسلميها وهي تنشد الأناشيد الحبرية المعروفة. ورتب أمور الأبرشيات وأزال الكراهية بروحه الطيبة وكياسته وإدارته الرشيدة بين الأرثوذكس والنساطرة .

زار بغداد لأول مرة عام ( 1265) فاستقبل بحفاوة، مع أن جاثليق النساطرة ( مكيخا ) حاول إبعاده لكنه فشل بسبب وفاته، واصل عمله في بغداد وعاد إلى نينوى، وفي زيارته الثانية إلى بغداد عام ( 1277) رحب به جاثليق النساطرة ( دنحا).
تفقد الأبرشيات كلها وبنى العديد من الكنائس والقلايات والأديرة ورسم اثني عشر أسقفاً وعشرات الكهنة والشمامسة. رغم أعماله الرعوية ألف كتباً في شتى المواضيع العلمية اللاهوت والتاريخ والرياضيات والتفسير والنحو والقانون والطب والفلسفة وتفسير الأحلام والشعر وسواها، حتى الفكاهات والنكات البريئة، لذلك دعي ب دائرة معارف القرن الثالث عشر ووصف ببحر الحكمة ونور المشرق والمغرب وملك العلماء وأكبر الحكماء والأب القديس والأب العارف بالله وزينة المؤلفين وإكليل المفارنة وتاج الرؤساء، وهو بالطبع يستحق جميع هذه التسميات. ففي بعض الحوادث التي جرت في الكنيسة عالجها بحكمة وحزم وروية فكان مثالاً للراعي الصالح. كانت طموحاته روحية وهي أن يجد الكنيسة تنتظم، أمورها تسير سيراً حسناً في جميع الميادين، إلا أن الرياح لا تجري دائماً كما تشتهي السفن، والبشر هم البشر في جميع الأوقات والأمكنة، لذلك نراه يطلق عبارته الشهيرة ويقول
: السريان حساد، وغير منضبطين ولا يخضعون لرؤسائهم وكأنه يقول للسريان عبر الأجيال ( إذا أنتم تخليتم عن الحسد وكنتم منضبطين ، وخضعتم للأنظمة والقوانين، وإذا أنتم سمعتم نصائح مرشديكم وتوصيات معلميكم فإن أحوالكم لا بد أن تتحسن وتكونون من المفلحين ).
زاره علماء المسلمين وتمنوا عليه أن يترجم لهم كتابه في التاريخ العام من السريانية إلى العربية فنزل عند رغبتهم وترجم الكتاب واسماه تاريخ مختصر الدول.
بلغت سفينة ابن العبري ميناء الحياة، وتوقع عام وفاته وأخبر أخاه الأصغر( برصوم ) عن اجتماع الكوكبين الزحل والمشتري شارحاً ومفسراً له مراحل حياته طبقاً لهذا الاجتماع ، ونظم بيتاً من الشعر السرياني بهذا الخصوص.
هذا ما وقع فعلاً، انتقل هذا الراعي الصالح إلى جوار ربه محموداً سعيه ومذكوراً بلسان الأجيال علمه وفضله وفضيلته، وفي ليلة السبت 28-7-1286 انتابته حمى شديدة وكطبيب عرف بأنها النهاية، لذلك رفض تناول الأدوية التي وصفها له الأطباء، وبصوت خفيض وهادئ قال لهم: لا فائدة من الأدوية لأن الأوان قد حان للإنتقال من هذا العالم. حاول أن يكتب وصيته إلا أن قواه خانته فلم يقو على كتابة كلمة واحدة ولذا استدعى أحد تلاميذه وأملى عليه وصيته بالآية المقتبسة من سفر المزامير الإنسان مثل العشب أيامه، وكزهر الحقل هكذا ينمو، وبعدما أنهى وصيته قال لتلاميذه: أوصيكم يا أحبائي أن يحب بعضكم بعضاً فالمحبة يا أولادي رباط السلام، سأغادركم إلى دار الخلود وأحظى برؤية الرب وأصلي من أجلكم وأغمض عينيه وأسلم الروح ورأسه في حضن أخيه برصوم، وكان ذلك يوم الثلاثاء 30-7- 1286
لقد رحل ركن النصرانية ونورها الساطع وبدرها المتألق الذي لم تخسره أمته وحسب وإنما النصرانية كلها بل المشرق كله كما قالها الجاثليق ( يابلاها)

وبخشوع وصمت تقاطرت جموع المشيعين إلى الكنيسة حيث كان الجثمان مسجى، وأجراس الكنائس تقرع طوال النهار محاطة بأربعة من الكهنة السريان ومراسيم جناز مهيبة حضرها اثنان من مطارنة النساطرة أوفدهما الجاثليق. دفن الجسد الطاهر تحت مذبح الكنيسة، ثم نقل أخاه برصوم عظامه إلى دير مار متى بجوار الموصل.
وبهذه المناسبة الجليلة نتقدم بالتهاني القلبية لكل من يحمل اسم القديسين الجليلين مار يعقوب البرادعي ومار يوحنا ابن العبري، متمنين لهم دوام الصحة والعافية والعمر المديد.
ولا ننسى نيافة الحبر الجليل مارغريغوريوس يوحنا ابراهيم والمطران بولس المخطوفين بالعودة إلى أبرشياتهم العامرة متسربلين في أتم الصحة والعافية والعمر المديد. هذا هو رجائنا من ربنا ومخلصنا يسوع المسيح له المجد آمين.
[/size]
:croes1: فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ :croes1:
صورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”سير ومعجزات القديسين“