بدائع وطرائف جبران 2
بدائع وطرائف جبران 2
الكمـــــــــــــــــــال
تسألني يا أخي متى يصير الأنسان كاملا
فاسمع جـــــــــــــــــــــــوابي ..
يسير الأنسان نحو الكمال عندما يشعر بأنّه هو الفضاء ولا حدّ له ، وهو هو البحر بدون شواطىء ، وانّه النّار المتأجّجة دائما ، والنور الساطع أبدا ، والرياح اذا هبّت أو اذا سكنت ، والسحب اذا برقت وأرعدت وأمطرت ، والجداول اذا ترنّمت أو ناحت ، والأشجار اذا أزهرت في الربيع أو تجرّدت في الخريف ، والجبال اذا تعالت ، والأودية أذا انخفضت ، والحقول اذا أخصبت أو أجدبت .
اذا شعر الأنسان بكل هذه الأمور بلغ منتصف طريق الكمال ، أما اذا شاء بلوغ محجّة الكمال فعليه ان شعرَ بكيانه ، أن يشعر بأنّه الطفل المتّكل على أمِّه والشيخ المسؤول عن عياله ، والشاب الضائع بين أمانيه وغرامه ، والكهل الذي يصارع ماضيه ومستقبله ، والعابد في صومعته ، والمجرم في سجنه ، والعالم بين كتبه وأوراقه ،والجاهل بين ظلمة ليله وظلمة نهاره ، والراهبة بين أزهار ايمانها وأشواك وحشتها ، والمومس بين أنياب ضعفها ومخالب حاجتها ، والفقير بين مرارته وامتثاله ، والغني بين مطامعه وأذعانه ، والشاعر بين ضباب أمسائه وشعاع أسحاره .
اذا أستطاع الأنسان أن يختبر ويعلم جميع هذه الأمور يصل الى الكمال ... ويصير ظلاًّ من ظلال الله .
والى مشاركة تالية بعونه تعالى