صفحة 1 من 1

عمل كل ماهو صالح!!

مرسل: السبت سبتمبر 28, 2013 6:41 am
بواسطة إسحق القس افرام

رسالة بولس الرسول إلى تيطس
ص3


ذكرهم ان يخضعوا للرياسات و السلاطين و يطيعوا و يكونوا مستعدين لكل عمل صالح
و لا يطعنوا في احد و يكونوا غير مخاصمين حلماء مظهرين كل وداعة لجميع الناس
لاننا كنا نحن ايضا قبلا اغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات و لذات مختلفة عائشين في الخبث و الحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضا
و لكن حين ظهر لطف مخلصنا الله و احسانه
لا باعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني و تجديد الروح القدس
الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا
حتى اذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الابدية
صادقة هي الكلمة و اريد ان تقرر هذه الامور لكي يهتم الذين امنوا بالله ان يمارسوا اعمالا حسنة فان هذه الامور هي الحسنة و النافعة للناس
و اما المباحثات الغبية و الانساب و الخصومات و المنازعات الناموسية فاجتنبها لانها غير نافعة و باطلة.

الرجل المبتدع بعد الانذار مرة و مرتين اعرض عنه
عالما ان مثل هذا قد انحرف و هو يخطئ محكوما عليه من نفسه

الشرح
1. الخضوع للهيئات الحاكمة
ذكرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين، ويطيعوا، ويكونوا مستعدين لكل عمل صالح.
أولًا: الخضوع
يبدأ الرسول حديثه بقوله: ذكرهم، وكأن ما جاء بالرسالة هنا هو ليس بالأمر الجديد. والسبب في هذا أن عدو الخير كان يثير اليهود والوثنيين ضد الكنيسة الذين كانوا يشعلون غضب الولاة ضدها خلال الدعوى بأن الكنيسة تقيم من نفسها دولة مستقلة، ومجتمعًا خاصًا له قوانينه ومبادئه، فيعصون الدولة وقوانينها وأنظمتها ويحتقرون الإمبراطور والولاة ولا يبالون بهم.
إنه ذات الاتهام الذي وُجه للمسيح له المجد نفسه، إذ صرخ اليهود في وجه بيلاطس حين أراد أن يطلقه يتهمونه أنه لا يحب قيصر، لأنه يطلق من يدعى أنه ملك! وفي غباوة ظن بعض الأباطرة أن المسيح منافس له، والكنيسة منافسة لدولته. من أجل هذا دفع الرب الجزية علانية، وأعلن جهارًا أعطِ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.
وناقشت الكنيسة منذ العصر الرسولي الأول هذه الأمور، وفندت بكل قوة هذه الاتهامات الباطلة في كتب كثيرة تدافع عن المسيحية أُرسلت إلى الولاة، فقد عالجت كل تهمة موجهة إلى المسيحيين.
ثانيًا: طاعتهم
ربما يظن البعض أن الخضوع الذي نادى به الرسول هو من قبيل المداهنة والممالقة. هذا لن يكون! إنه يأمر هنا بالطاعة، أي الامتثال لأوامرهم برضا وسرور، لا عن تذمرٍ أو ضجرٍ، وذلك من أجل الرب وفي الرب.
ثالثًا: استعدادهم لكل عمل صالح
الخضوع والطاعة للرؤساء والسلاطين في نظر الرب والكنيسة هما عمل صالح. فحين يخضع المؤمن، إنما يفرح ويبتهج لأنه عمل أمرًا صالحًا.
2. محبة الجميع
بعدما تحدث عن علاقة المؤمنين بالسلطات الحاكمة والرؤساء عاد ليتحدث عن علاقتهم بالناس عامة. هذه العلاقة تتلخص في وصية الحب من كلا جانبيها، السلبي والإيجابي.
أولًا: الجانب السلبي
1. ولا يطعنوا في واحد.
ليس عملنا البحث عن أخطاء الغير والطعن فيهم، إنما الحب يستر أخطاء الغير، ويزّين حياتهم في نظرهم. أولاد الله يرون في كل إنسان شيئًا صالحًا، حتى ولو كان الذي أمامه مجرمًا أو قاتلًا أو متعجرفًا، لأن عينه البسيطة ترى ما هو صالح، وقلبه المحب يترفق ويحنو طالبًا خلاص الكل.
وكما يقول القديس مقاريوس الكبير: يجب على المسيحيين أن يجتهدوا ألا يدينوا أحدًا حتى ولا كانوا قليلي التدبير، بل يراعوا كل جنس البشر بسذاجة النية وعين النقاوة، لكي يصبح الإنسان من طبيعته وأساسه ألا يستخف بأحدٍ، ولا يدين أحدًا أو يكره أحدًا.
2. ويكونوا غير مخاصمين.
إذ لا تحتمل أيام غربتنا القليلة إضاعتها في الخصام، بل الأيام مقصرة وشريرة، وكما يقول احد الأباء: يليق بالمتقدمين إلى الله أن ينظروا إليه وحده، ويلتجئوا إليه بتورعٍ هكذا حتى لا يعيروا الشتيمة التفاتا، حتى ولو كانوا مظلومين ربوات من المرات.
ثانيًا: الجانب الإيجابي
أ ـ حلماء، مظهرين كل وداعة لجميع الناس.
كأبناء الله الطويل الأناة يليق بنا أن نُظهر الحلم وكل وداعة للجميع، ليس من أجل الناس، بل من أجل ما صرنا عليه حسب الإنسان الجديد. فالحب بكل آثاره هو سمة المسيحي الحقيقي بغض النظر عن شر الناس المحيطين به، مسيحيين كانوا أم غير مسيحيين، فهو يحبهم ويترفق بهم كابن الله.
ب ـ كيف نقدر أن نحب؟
في كل عصر يلتقي المؤمن بأناس أشرار، حتى من المسيحيين أنفسهم، فكيف يقدر أن يكون محبًا حليمًا مُظهرًا كل وداعة لجميع الناس؟ هنا ينقلنا الرسول لنرى إنساننا العتيق وحياتنا خارج دائرة النعمة الإلهية. عندئذ نتحقق أن كل البشرية لها ذات الضعف لولا عناية الله ونعمته الحانية.
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الآبدين آمين.
[/size]