لما الله لا يوقف الشر؟

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ابن السريان
مراقب عام
مراقب عام
مشاركات: 1881
اشترك في: الجمعة إبريل 16, 2010 7:22 pm

لما الله لا يوقف الشر؟

مشاركة بواسطة ابن السريان »

لما الله لا يوقف الشر؟
صباح الخير أحبائي وأصدقائي .... أحد مبارك عليكم ( 12 )
بالنسبة للبعض وجود الشر والألم في عالمنا ( وخاصةً في وقتنا الحالي ) يدعو إلى الشك في وجود الله المُحب , فإذا قُلنا أن الله كليّ القدرة وكامل الصلاح , فكيف يسمح بالشر ؟؟ هل عنده إرادة أن يمنع الشر؟؟ لكن تنقصه القدرة ( ليس كُليّ القدرة ) ؟؟ , أم هل عنده القدرة وتنقصه الإرادة ( ليس كُليّ الصلاح ) ؟؟ .
>> ( الجزء الأول ) >> ..
" أبرُّ أنت يارب من أن أُخاصمك , لكن أُكلمك من جهة أحكامك : لماذا تنجح طريق الأشرار ؟ اطمأن كل الغادرين غدراً "
" Righteous art thou ,O LORD, when I plead with thee : yet let me talk with thee of thy judgments : wherefore doth the way of the wicked prosper ? wherefore are all they happy that deal very treacherously . "
" في كل ضيقهم تضايق , ملاك حضرته خلصهم , بمحبته ورأفته هو فكّهم ورفعهم وحملهم كل الأيام القديمة "
" In all their affliction he was afflicted , and the angel of his presence saved them : in his love and in his pity he redeemed them : and he bare them , and carried them all the days of old ."
لقد قُمت بتقسيم الحديث إلى جزئين : الأول اليوم والثاني في الأحد المُقبل ( بقدر المُستطاع لكي لا أُتعب القارئ والمُهتم بطول الكتابة )
بدايةً دعونا نتفق على حقيقة واضحة بأن العالم مليئ بكل أنواع الشر والألم ( ظُلم , استغلال , حروب , قتل ,موت , كوارث , أمراض , سرقة , تجديف , مجاعات , أوبئة ...الخ ) وكل البشر بدون استثناء يشربون من كأس الألم فكل ما عشنا أكثر تألمنا أكثر ,فمن لم يتألم اليوم سيتألم غداً , المؤمن قد يتألم أكثر من غيره ( من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح ) , نهاية الألم والشر هي مع نهاية الزمن ( طوال ما الإنسان موجود سيكون هناك ألم وشر ) .
سؤال المتألمين أين هو الله من كل هذا ؟ ؟ ؟ ! ! ! .
وهذا السؤال ليس بجديد فقد طرحه من قبلنا الأنبياء ( داوود , إرميا , أيوب , حبقوق , إيليا ...الخ )
هذا الطرح ( في بداية مقالي ) معيوب لأنه يركّز على صفتين من صفات الله ( الصلاح والقدرة ) ويُهمل مثلاً ( عدله - حكمته - محبته ) واحترامه للإنسان الذي منحه الحرية والإرادة للإختيار فلا يوجد أي معنى لأن يسحب هذه الحرية بعد أن يُعطيها .
أكثر شخص مُتألم بسبب الشر في العالم هو الله ذاته وأكثر من تألم بسبب سقوطنا بالخطية وحريتنا بالإختيار هو المسيح عندما عانى فقيراً وتألم عنّا عندما قال " ضاقت نفسي بسبب مشقة بني إسرائيل " " في كل ضيقهم تضايق " .
الله يعيش معنا هذه المعاناة والألم ويعيش تكلفة هذه الحرية التي منحنا إياها , فوجود الألم والشر هو أعظم دليل على وجود الأب الصالح والمحب والحكيم والعادل لأن :
ولكي نفهم الألم والشر علينا أن نعود لبداية قصة وجودنا ( الخلق والسقوط )
الشر لم يخلقه الله , الله ليس مصدر الشر لذلك لا نجد للشر ذكر قبل خطيئة الإنسان , فالمادة والخلائق ليست شريرة فكل ما خلقه الله قد رأه حسناً , فبالعلم والمنطق " وجود الشيئ يستتبع وجود نقيضه " أي وجود النور يستتبع وجود الظلمة , فغياب النور ينتج عنه ظلام , كذلك غياب الخير ينتج عنه وجود الشر , فالظلمة والشر والألم لا تحتاج إلى خلق ( أدم وحواء عاشوا دون وجود للألم والموت والمرض ...الخ ) .
الله منذ البداية لم يخلق كل شيئ في لحظة واحدة بل إن الخلق مع الله هو مُستمر دائماً " أبي مايزال يعمل وأنا أيضاً أعمل . يو5 " فالكون الذي خلقه الله هو حسن في جوهره , خيّر , والإنسان هو قمة الخلق وليس مُجرد كائن بين سائر الكائنات فعليه مسؤولية كبيرة على المخلوقات فهو مُسلّط عليها ليُشارك الله في تدبيرها ويُشارك الله في الخلق أيضاً من خلال الزواج فدعوة الإنسان هي المشاركة في عمل وإكمال الخلق والمحافظة عليه وغاية الله في خلق كل شيئ هو سعادة الإنسان وحريته وبأن لا يبقى وحيداً ولحمايته ( لكي لا يموت ) ولكن الإنسان بكبريائه أراد أن يعصي وصية الله ويُصبح مثله وعلاقته مع الله قبل الخطيئة والمعصية كانت مبنية على الشراكة والحب والبنوة وليست على الخوف .
الشر لم يكن قد دخل العالم قبل الخطيئة فكيف يعرف الإنسان الشر ما لم يكن موجوداً ؟؟؟!!!
الرغبة في الأكل من شجرة الخير والشر يعني اقتراف الشر الرغبة في الإنفصال عن الله مصدر الحياة عندما قال الله لأدم يوم تأكل منها موتاً تموت ليس لأن الله يريد قتله بل لأن الأكل من هذه الشجرة يعني حرية الإنسان في اختيار ترك الله والإنفصال عنه وعندما يترك الإنسان مصدر وجوده من الطبيعي أن يموت وأن يوجد الشر والمرض والألم لغياب مصدر النور والخير , كان باستطاعة الإنسان أن يأكل من شجرة الحياة وأن يختار محبة الله وينال الحياة الأبدية .
وبعد اختياره بحريته لعصيان الله , لُعنت الأرض بسبب الإنسان جزء كبير من الكوارث الطبيعية سببها عدم خضوع الإنسان ( الخليقة أيضاً لُعنت بسبب شر الإنسان ) الإنسان وعٌصيانه هو سبّب هذه الكوارث فالخليقة تمردت على الإنسان لأننا نحن تمردنا , الإنسان كان سيد الخليقة لكنه فقد هذا السلطان .
فإذا كان الله ليس خالق الشر والألم وأنه نتيجة غياب الخير وإرادة الأنسان واختياراته , يُمكننا أن نلّخص المصادر الأساسية للألم على الشكل التالي :
- نتيجة أفعالي فما يزرعه الإنسان إياه يحصد ( مثلاً زرعت شوك ومشيت عليه , الرب ليس له دخل , شربت سمّ ومتت كذلك الأمر )
- الألم عن طريق التجربة ( إبليس - الأشرار يُجربونني ) أيضاً نتيجة إرادتهم الحرة - الرب ليس له دخل ( ولكن الرب هنا يتدخل ضمن مبدأ بأن لا نجرّب فوق ما لا نستطيع وأنه يعطي مع التجربة المنفذ )
- ألم التأديب ( هذا الوحيد من الرب ) فالذي يُحبه الرب يُؤدبه " ويجلد كل ابن يقبله إن كنتم تتحملون التأديب يُعاملكم الله كالبنين " فمن السبب بهذا التأديب ؟؟ أنا وأفعالي واختياراتي وليس هو ( الرب ) والألم هذا يُصحّيني ولو لم يكن هذا التأديب والألم لكان انقضى علي ووقعت بشر اعمالي ولو لم أقبله أكون لا أريد قبول الرب كأب لي يُريد تربيتي ( فالإيمان يُمتحن !! كما امتحن الله ابراهيم ويوسف فرجال الله في كل زمان امتُحنوا فالإمتحان بحد ذاته ليس شراً , أصعب وقت هو الإمتحان لأنه مُتعب , تخيل لو ابنك في صف البكلوريا , هل تقول له لا تُتعب نفسك فلتستريح ونحن نصرف عليك !!! من المؤكد بأنه لن يكبر بالعلم ولن يفهم , فالرب يستخدم هذا الإمتحان ليس لمزلة المؤمن بل لتكبيرهم وتقويتهم ) .
- ألم الأخرين الذين لا يقصدون ( الأباء أكلوا الحُصرم وأسنان الأبناء تضرست , الأب السكير الذي أضاع تربية أولاده , ما أرثه من أمراض ) هنا لا يوجد أحد يُجربني , هذا تأثير الشر الموجود في العالم علي ( الحروب , الإضطهاد , المرض ...الخ) دون قصد منهم أو بقصد وهذا النوع الله يُنجيني منه ( عندما أسمح له أنا وأطلب منه بكل إيمان وثقة بالتدخل بحياتي وشفائي وكسر القانون الأدبي المطلق قانون الحرية ).
- ألم اختياري أي أنا أختار التألم مع المسيح من أجله ومن أجل خلاص العالم .
أخيراً وكما أسلفنا في موضوعنا في الأحد الماضي بأن عندما نفهم من هو الرب , وماهي القوانين التي وضعها منذ البداية نستطيع فهم رحلة الحياة والأحداث التي تُحيط بنا, الله لم يخلق الكون ويتركه بل مازال يعتني به ضمن قوانين مُطلقة تُنفذ نفسها بنفسها , فسلطان الله الكلي ( لا يحصل شيء دون علمه ولا رغماً عنه أو خارج سلطانه المطلق ) لا يمكن أن يُلغي مسؤولية الإنسان , فالإنسان مخلوق مُخير ومسؤول عن اختياراته , ( لو شربت وسكرت وسقت السيارة وعملت حادث لا أستطيع أن ألوم الله لأنني تألمت مع أنه له سلطان مُطلق لكنه لا يُلغي مسؤوليتي )
يتبع .. >>>>>> .. الأحد المُقبل
شوقي قسيس ..... مع محبتي

بركة الرب معكم
أخوكم: ابن السريان


صورة
بنت السريان
أديبة وشاعرة
أديبة وشاعرة
مشاركات: 18004
اشترك في: السبت يونيو 05, 2010 11:51 am

Re: لما الله لا يوقف الشر؟

مشاركة بواسطة بنت السريان »

ما تزرعه اليوم تحصده غدا
صورة

سعاد اسطيفان
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع دينية وروحية“