وقفت مذهولاً أمام معنى ( السجود السرمدي ) .
ووقفت بحيرة أمام كلمة ( يعقوبي ) .
كيف ؟ ..... ولماذا ؟ .
***
السجود السرمدي.
في قصّة البؤساء ، يتكلّم فيكتور هيجو عن السجود السرمدي
أو مايسمّى بصلاة الإستغفار عند الراهبات البرنارديّات ، في دير بيكيوس الصغير ..
وهي الصلاة التي تقدِّمها الراهبة للتكفير عن جميع
الخطايا ، والأخطاء التي ترتكب فوق سطح المعمورة .
والمقصود بالسجود السرمدي ، هو أن يبقى هذا السجود متواصلاً على مدار
الساعة أمام القربان المقدس ( جسد ودم السيدالمسيح ) الموضوع على الهيكل
خلف الستار . تتناوبن عليه الراهبات ، كما يتناوب الجنود الحراسة ، كل واحدة منهنَّ ساعة من الزمن
تبقى خلالها الراهبة ( المستغفرة ) راكعة على الحجر
أمام القربان المقدّس ، مشبوكة اليدين ، مطوّقة العنق بحبل . حتى إذا غدا
التعب عليها غير محتمل ، أنطرحت على بطنها ، متصالبة الذراعين
مستقبلة الأرض بوجهها . ذلك كان نصيبها من الراحة . وفيما هي على
هذا الوضع ، تصلّي من أجل المذنبين في الكون . فالراهبة الجاثية أمام القربان المقدّس
لاتلتفت ولو سقطت خلفها صاعقة .
هذا هو السجود السرمدي .! في نظام القديس ( بينوا ) .
****
أمّا عن كلمة ( يعقوبي )
في قصة البؤساء ، يستخدم ( فيكتور هيجو ) مرّات عديدة
كلمة ( يعقوبي ) .. فمثلاً هنا على لسان الجد المليونير وهو
يكلّم حفيده الذي كان قد أتى إليه طالباً مساعدته في الزواج
من البنت الفقيرة التي يحبها . فيعرض عليه الجد أن يتَّخذها
كخليلة ، وليس كزوجة . من ثمَّ يتابع ويقول له :
أنا أحبّك عاشقاً ، أكثر ممّا أحبّك يعقوبيّاً .
الشيء الذي يجعلنا نقف بحيرة عند هذه الكلمة ( يعقوبياً ) ومدلولها
في ذلك الحين ، يوم كتب فيكتور هيجو رائعته الشهيرة هذه .
- كتبت القصّة في حوالي عام 1860م ، حيث يأتي فيها
الكاتب كثيراً على ذكر معركة – واترلو – التي كانت آخر معارك
القائد الفرنسي نابليون بونابرت - .
نعود مرّة أخرى إلى موضوعنا الذي نحن بصدده ، لنطرح على أنفسنا بعض
الأسئلة فيما يتعلّق بهذه الكلمة - يعقوبي - والتي تخصَّنا مباشرة
( طبعاً إذا كنتُ على صواب منها ) .
فكلمة يعقوبي منسوبة إلى القديس يعقوب أبن ثيوفيلوس ، الذي عُرف بأسم يعقوب البرادعي
نسبة للبردعة ( العباءة ) ولاأعلم لماذا لقِّب بالبرادعي لأن البردعة هي القماش الخشن
الذي يوضع فوق ظهر الحمار والبغل ، كالسرج فوق ظهر الفرس . المهم هذه البردعة الخشنة المرقّعة التي كان
يرتديها تستّراً من بطش بعض المتزمّتين الخلقيدونيين ، الذين أنكرنا
عليهم نحن كسريان أرثوذوكس هذا المجمع ، وأقصد به المجمع الخلقيدوني 451م ، المنعقد في مدينة خلقيدونية
ورفضناه قطعيّاً ، فأصبحنا نعرف باللاخلقيدونيين .. والحديث يطول في هذا المضمار ( ينذكر وما ينعاد ) ..
لكن أحب أن أضيف قليلاً وأقول : نحن كسريان أرثوذكس ، نرفض رفضاً قاطعاً أن نلقَّب بيعقوبيين
لأننا كنَّا متواجدين قبل يعقوب البرادعي بمئات السنين .
لنعود إلى موضوعنا (عذراً ياأخي ، إنها المرّة الثانية التي أقول فيها : لنعود إلى موضوعنا ثمّ نخرج عنه إضطراراً )
إذاً كنّا في سياق كلمة – يعقوبي – التي كانت شائعة في تلك الحقبة من
الزمن ( 1860) ولا أقول في أوروبّا ، أو أماكن أخرى .. على الأقل في فرنسا حيث كتب فيها فيكتور هيجو الفرنسي الأصل
قصّته الخالدة ( البؤساء ) وقال على لسان الجد للحفيد :
أنا أحبّك عاشقاً ، أكثر مما أحبّك يعقوبيّاً .
لأتوجّه بالسؤال مباشرة إلى فيكتور هيجو، طيّب الله مثواه ، وأقول : ماذا كنت تقصد من قولك
أحبّك عاشقاً ، أكثر مما أحبّك ( يعقوبيّاً )؟
هل كنت تقصد يعقوب البرادعي ذاته ؟ أم يعقوباً آخر ؟.
وإذا كان هو المقصود ، هل عنيت بقولك يعقوبيّاً ، أي مستقيماً ؟ أم شيئاً آخر ؟
وبما أنني واثق لن ألقى الجواب منك ، لأنّك في عالمٍ آخر .
أترك الجواب لأحبَّتي القرَّاء ، خصوصاً منهم ممن قرأ قصة البؤساء علّني ألقى عندهم منفعة لخير الجميع .
فريد توما مراد
ستوكهولم - السويد
عذراً عزيزي القارىء ، قد تجد أغلاط إنشائيّة ، نحويّة ، إملائيّة
لايهم ... المهم هو المضمون .