الزنى

أضف رد جديد
Michel Massoud
عضو
عضو
مشاركات: 275
اشترك في: الجمعة إبريل 24, 2015 3:51 am

الزنى

مشاركة بواسطة Michel Massoud »

التالي هو مقدمة لشرح درس كتابنا المقدس اليوم، وهو من إنجيل متى ٥: ٢٧~٣٠ بعنوان الزنى.
نعيش حياة "متطورة" ملؤها الصخب بالعيش والكثير من الابتعاد عن طريق بر الله. فكم من الممارسات والعادات التي اصبحت مع الزمن تعتبر عادية وطبيعية وتُمرق بحجة الحرية وبإسم الحضارة والتقدم؟ وكم من هذه الاشياء وبكل اسف تغافل عنها مجتمعنا المسيحي ولم يكن هناك الوعي والانفتاح على التثقيف اللآزم؟ احيناً تمرق لاسباب سياسية مع الدول الدخيلة وتحت مسمى انفتاح اجتماعي، والتعتيم احياناً اخرى بحجة "العيب" من مناقشة مواضيع حساسة كالجنس، الذي حتى هذه الايام هناك من يظن ان الاجتماع الجسدي كان الخطيئة الكبرى لآدم وحواء!
وعلى الضفة الأخرى هناك من التطرف ما يؤلم، فبعض الكنائس تعرض افلام وبرامج ودروس جنس "لتثقيف" ابنائها، والجنس هو تلك العلاقة الطبيعية الناتجة عن الحب العفيف بين الرجل وزوجته والتي انعم الله بها على البشر وقال تكاثروا. تلك العلاقة التي اصبح يروج لها بالاعلانات على جميع ما خلق من قنوات تواصل، وبطرق شيطانية مبتذلة ترضي عدو الله والانسان، وتم وتحويلها من النقاوة الى الوساخة، حتى اصبحت برخص مقيت تماماً مثلما ارادها الشيطان.
راحت أعلى حكومات ومنظمات تُشبع المجتمعات بافكار الجنس للذة الجسدية فقط، وتدافع عن تسهيل العلاقات الخارجة عن الحياة الزوجية... ضاربة عرض الحائط كل تعاليم الله وما ينتج عنها من عواقب. كيف لا؟ فهم الذين سلموا انفسهم الى امير هذا العالم.
اكثرية الاديان تحارب هذه الآفة، لكن وللاسف كم من تلك الجرائم ترتكب حتى من رجال دين؟

لكل مخالفة في هذه الحياة عقاب، وتتدرج المعاقبة بحسب القوانين المدنية بما تسمى خفيفة بدفع الغرامة المالية وتتصاعد للحبس والاعدام، ويتم اصدار الحكم بحسب صعوبة الجريمة واستنتاج النوايا التي قامت تلك الجريمة عليها .
جائت في العهد القديم الوصايا العشر والناموس الموسوي ليهدي اسرائيل الى طريق الله بعد ان خلصهم من العبودية في مصر، ومن ثم جاء سفر التثنية ليوضح لهم معايبهم وابتعادهم عن كلام الله، ليفسر لهم محبة ونعمة الرب، يوضح طول أناته ومسامحته. مذكراً بقانون الله المعطى لموسى، يشرح ويحدد الويلات واللعنات المتأتية عليهم بمخالفتها.

يقول السيد المسيح: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تَزْنِ. وأما أنا فأقول لكم : إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه."
يقول السيد المسيح، "قد سمعتم... وأما أنا فأقول لكم"... سمعتم ولكن هل فهمتم؟ اسمعوا ما ساقوله وتعلموا لأن ما تعيشونه غلط... جاء السيد المسيح ينور العقول ويوضح لليهود الذين كانوا مكتفين ببرهم الذاتي، وإعتقادهم بانهم بلا خطيئة لمجرد التزامهم بالناموس... ليس كفاية!

لذلك يقول لنا "إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات." فهل نعيش نحن تلك الحياة التي ارادها لنا؟ هل نعيش نحن المؤمنين به حياة تليق بفادينا؟ هل نحن على دراية بكل ما يطلبه منا ونعيش حذافيرها؟ هل نحن على قدر من الفهم لإنجيلنا ومتفهمين لمسؤلياتنا؟ ولدنا في الخطيئة، نعم... ولكن مسيحنا جاء ليخلصنا، وطريق الحياة لنصل الى ملكوت السماوات اعطانا.
كم من الهفوات والأخطاء ارتكبنا ولم نكن على دراية بخطورتها؟ الا نشبه الفريسيين في الكثير بما نفعله في حياتنا؟ لم يزنوا ولكن عيونهم ونفوسهم وقلوبهم ارتكبت الخطيئة!
يقول لنا: "فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وإن كانت يدك اليمنى تعثرك فاقطعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم.“
لا حاجة أن نقول أن معنى كلام الرب ليس هو قلع العين وقطع اليد حرفيًا. لأن ذلك لا يمنع ولا يخفف حركات القلب.
كم من نساء يتحجبنَ ولكن ذلك لا يردع التعدي الجسدي. هناك من تدفعه غريزته لمجرد سماع صوت... اليس هناك منحرفين يفشوا غليلهم باستعمال شركات الهوى الهاتفية؟!
كثيرًا ما يُحاول إبليس أن يخدعنا، موهماً إيانا، بأن مجرد نظر العين وتحرك الشهوة ليسا مُحرمين إن لم نرتكب القباحة بالفعل، والقليل من لهجان القلب بالشر ليس بالخطية. اليس بهذا المفهوم آمن اليهود؟

(لنقراء للقديس أغسطينوس قائلاً: "إن الخطيّة تكمل على ثلاث مراحل، إثارتها، التلذّذ بها، ثم إرضائها." فإن كان الناموس قد حرّم إرضاء الخطيّة أي تنفيذها، فإن السيّد المسيح جاء ليقتلع جذورها بمنع الخطيّة من المرحلة الأولى. إن كانت الخطيّة تبدأ بالإثارة خلال النظرة الشرّيرة، ليتقبّلها الفكر ويتلذذ بها ثم تدخل إلى الإرضاء بالتنفيذ العملي، فإنه يسهل على المؤمن أن يواجهها في مرحلتها الأولى قبل أن يكون لها موضع في الذهن أو لذّة خلال الممارسة للخطأ.)

لا جدال في ان لكل واحد منا ضعف ما، ولكن كيف نُميت الشهوات الردية في قلوبنا؟ إن المثابرة على قراءة وعيش الانجيل والأبتعاد عن المغريات يقوي شخصية المؤمن، فكل اناء بما فيه ينضح... الروح القدس يزوّد المؤمن بالقوة اللازمة لكي يعيش حياة مقدسة، لكن ذلك لا يحصل بدون تعاون من جانب المؤمن وتدريب صارم للذات.

مسؤلية كل مؤمن مدرك لما يتعلم ان يعلم الآخرين ويبشر بالكلمة. لا يمكن ان نتلطى وراء بعض السطور ونقول الرب يسامح طالما نحن نؤمن ونحن بشر طيبين ولا نؤذي... الرب يسوع حمل آثامنا وافتدانا ولكن مسؤليتنا ان نكون اوفياء... مثل أم قامت بامتصاص سم الافعى من اللدغة على زند ابنها، وبينما تبصقه تغلغل السم بشفتها المجروحة وماتت لاجله. فراح ناقشاً اسمها على زنده مكرماَ ذكراها الى الأبد.
كذلك نحن علينا نقش مسيحنا وتعاليمه في ضمائرنا وقلوبنا. فالمسيح جاء طارقاً القلوب التي يريدها ناصعة بالبر. فرغم خطايانا التي لا تحصى هناك خلاص بالتوبة والرجوع اليه، فهو العارف بالقلوب والغافر للذنوب، هو الذي امتص الخطيئة من جذورها مطهراً ايانا نحن الخطئة وهو الاله المخلص الذي مات من اجل دفن خطايانا وقام لكي نخلص ونحيا فيه.

نستذكر جون نيوتن، البحار الانكليزي المتمرد الذي عاش حياة فيها كل البعد عن الله، ولكنه مرَّ بتجارب صقلته ليصبح بار ومن اصلب رجال الدين بإيمانه. الذي له الكثير من المؤلفات، واليكم إحدى اجمل اقواله التي احب ان اشارككم بها، وإذ هو بعمر متقدم واستملكه مرض النسيان، قال:
"بالرغم ان ذاكرتي تخونني، ولكن هناك شيئان اذكرهما بوضوح: الاول انني اكبر خاطئ، والثاني ان المسيح هو اعظم مخلص.“

فلنتذكر نحن الخطاة بضعفنا البشري انه ليس هناك خلاص من الخطيئة ومحاربة الشيطان وطرقه الملتوية ومغرياته الا من خلال برِّ يسوع المسيح فادينا ومخلصنا. كما لخصها مار بولس في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس ٢٠~٢١: "إذا نسعى كسفراء عن المسيح، كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله. لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه"

الشماس ميشال صموئيل مسعود
فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح
ليس لديك الصلاحية لمشاهدة المرفقات
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع دينية وروحية“